الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة السادسة : قوله تعالى : { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } وهذا حكم ثابت بإجماع من الأمة ، قال تعالى : { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم } فشرط غاية الشهادة في غاية المعصية لأعظم الحقوق حرمة ، وتعديد الشهود بأربعة حكم ثابت في التوراة والإنجيل والقرآن ; روى أبو داود عن جابر بن عبد الله قال : { جاءت اليهود برجل وامرأة قد زنيا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ائتوني بأعلم رجلين منكم فأتوه بابني صوريا ، فنشدهما الله كيف تجدان أمر هذين في التوراة ؟ قالا : نجد في التوراة إذا شهد أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما . قال : فما يمنعكما أن ترجموهما ؟ قالا : ذهب سلطاننا وكرهنا القتل . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشهود فجاءوا وشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمهما } .

                                                                                                                                                                                                              المسألة السابعة : ولا بد أن يكون الشهود عدولا ; لأن الله عز وجل شرط العدالة في البيوع والرجعة ، فهذا أعظم ، وهو بذلك أولى ، وهو من باب حمل المطلق على المقيد بالدليل ، حسبما بيناه في أصول الفقه . [ ص: 460 ]

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثامنة : ولا يكونوا ذمة ، وإن كان الحكم على ذمة ، وسيأتي ذلك في سورة المائدة إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                              المسألة التاسعة : فإن قيل : أليس القتل أعظم حرمة من الزنا ؟ وقد ثبت في الشرع بشاهدين ، فما هذا ؟ . قال علماؤنا : في ذلك حكمة بديعة ، وهو أن الحكمة الإلهية والإيالة الربانية اقتضت الستر في الزنا بكثرة الشهود ; ليكون أبلغ في الستر ، وجعل ثبوت القتل بشاهدين ، بل بلوث وقسامة صيانة للدماء .

                                                                                                                                                                                                              المسألة العاشرة : قوله تعالى : { منكم } المراد به هاهنا الذكور دون الإناث ; لأنه سبحانه ذكر أولا { من نسائكم } ثم قال : { منكم } فاقتضى ذلك أن يكون الشاهد غير المشهود عليه ، ولا خلاف في ذلك بين الأمة .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية