الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الوجه الثاني: أن يقال: قولك: لا نسلم أن كل ممكن فهو محتاج إلى علة خارجة، لأن المجموع المركب من الواجب والممكن ممكن، وليس محتاجا إلى علة خارجة - غلط.

وذلك أن لفظ الممكن فيه إجمال.

قد يراد بالممكن ما ليس بممتنع، فيكون الواجب بنفسه ممكنا.

ويراد بالممكن ما ليس بموجود مع إمكان وجوده، فيكون ما وجد ليس بممكن، بل واجب بغيره. ثم ما يقبل الوجود والعدم هو المحدث عند جمهور العقلاء، بل جميعهم، وبعضهم تناقض فجعله يعم المحدث والقديم الذي زعم أنه واجب بغيره.

ويراد بالممكن ما ليس له من نفسه وجود، بل يكون قابلا للعدم هو وكل جزء من أجزائه.

وأنت قد سميت مجموع الموجود ممكنا، ومرادك أن المجموع يقبل العدم، ولا يقبله كل جزء من أجزائه.

وهؤلاء الذين قالوا: إن مجموع الممكنات -أو مجموع العلل الممكنة- ممكن، مرادهم: أن كل ما كان لا يقبل الوجود بنفسه، بل يكون قابلا للعدم بنفسه، وكل جزء من أجزائه قابل للعدم، يفتقر [ ص: 235 ] إلى علة خارجة عنه، وهذا هو المفهوم عند إطلاقهم من الممكن بنفسه المفتقر إلى علة خارجة، فإن الممكن بنفسه ما لا يوجد بنفسه، أي: نفسه قابلة للعدم.

وهذا لا يكون عند وجوب بعضها، فإن القابل للعدم حينئذ إنما هو بعض نفسه، لا جملة نفسه، فغلطك أو تغليطك حصل مما في لفظ الممكن بنفسه من الإجمال.

التالي السابق


الخدمات العلمية