الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6423 ) فصل : ولا تنتشر الحرمة بغير لبن الآدمية بحال ، فلو ارتضع اثنان من لبن بهيمة ، لم يصيرا أخوين ، في قول عامة أهل العلم ; منهم الشافعي ، وابن القاسم وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . ولو ارتضعا من رجل ، لم يصيرا أخوين ، ولم تنتشر الحرمة بينه وبينهما ، في قول عامتهم . وقال الكرابيسي : يتعلق به التحريم ; لأنه لبن آدمي ، أشبه لبن الآدمية . وحكي عن بعض السلف ، أنهما إذا ارتضعا من لبن بهيمة ، صارا أخوين . وليس بصحيح ; لأن هذا لا يتعلق به تحريم الأمومة ، فلا يثبت به تحريم الأخوة ، لأن الأخوة فرع على الأمومة ، وكذلك لا يتعلق به تحريم الأبوة لذلك ، ولأن هذا اللبن لم يخلق لغذاء المولود ، فلم يتعلق به التحريم ، كسائر الطعام . فإن ثاب لخنثى مشكل لبن ، لم يثبت به التحريم ; لأنه لم يثبت كونه امرأة ، فلا يثبت التحريم مع الشك .

                                                                                                                                            وقال ابن حامد : : يقف الأمر حتى ينكشف أمر الخنثى . فعلى قوله يثبت التحريم ، إلا أن يتبين كونه رجلا ; لأنه لا يأمن كونه محرما . ( 6424 ) فصل : وإن ثاب لامرأة لبن من غير وطء ، فأرضعت به طفلا ، نشر الحرمة ، في أظهر الروايتين . وهو قول ابن حامد ، ومذهب مالك ، والثوري ، والشافعي ، وأبي ثور ، وأصحاب الرأي ، وكل من يحفظ عنه ابن المنذر ; لقول الله تعالى : { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } . ولأنه لبن امرأة فتعلق به التحريم ، كما لو ثاب بوطء ، ولأن ألبان النساء خلقت لغذاء الأطفال ، وإن كان هذا نادرا ، فجنسه معتاد . والرواية الثانية ، لا ينشر الحرمة ; لأنه نادر ، لم تجر العادة به لتغذية الأطفال ، فأشبه لبن الرجال . والأول أصح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية