الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6425 ) فصل : إذا كان لرجل خمس أمهات أولاد ، له منهن لبن ، فارتضع طفل من كل واحدة منهن رضعة ، لم يصرن أمهات له ، وصار المولى أبا له . وهذا قول ابن حامد ; لأنه ارتضع من لبنه خمس رضعات . وفيه وجه آخر ، لا تثبت الأبوة ; لأنه رضاع لم يثبت الأمومة ، فلم يثبت الأبوة ، كالارتضاع بلبن الرجل . والأول أصح ; فإن الأبوة إنما [ ص: 145 ] تثبت لكونه رضع من لبنه ، لا لكون المرضعة أما له .

                                                                                                                                            ولأصحاب الشافعي وجهان ، كهذين . وإذا قلنا بثبوت الأبوة ، حرمت عليه المرضعات ; لأنه ربيبهن ، وهن موطوءات أبيه . وإن كان لرجل خمس بنات ، فأرضعن طفلا ، كل واحدة رضعة ، لم يصرن أمهات له . وهل يصير الرجل جدا له ، وأولاده أخوالا له وخالات ؟ على وجهين : أحدهما : يصير جدا ، وأخوهن خالا ; لأنه قد كمل للمرتضع خمس رضعات من لبن بناته أو أخواته ، فأشبه ما لو كان من واحدة .

                                                                                                                                            والآخر : لا يثبت ذلك ; لأن كونه جدا فرع كون ابنته أما ، وكونه خالا فرع كون أخته أما ، ولم يثبت ذلك ، فلا يثبت الفرع . وهذا الوجه يترجح في هذه المسألة ; لأن الفرعية متحققة ، بخلاف التي قبلها . فإن قلنا : يصير أخوهن خالا . لم تثبت الخئولة في حق واحدة منهن ; لأنه لم يرتضع من لبن أخواتها خمس رضعات ، ولكن يحتمل التحريم ; لأنه قد اجتمع من اللبن المحرم خمس رضعات . ولو كمل للطفل خمس رضعات من أمه وأخته وابنته وزوجته وزوجة أبيه ، من كل واحدة رضعة ، خرج على الوجهين . ( 6426 )

                                                                                                                                            فصل : إذا كان لامرأة لبن من زوج ، فأرضعت طفلا ثلاث رضعات ، وانقطع لبنها ، فتزوجت آخر ، فصار لها منه لبن ، فأرضعت منه الصبي رضعتين ، صارت أما له ، بغير خلاف علمناه عند القائلين بأن الخمس محرمات ، ولم يصر واحد من الزوجين أبا له ; لأنه لم يكمل عدد الرضاع من لبنه ، ويحرم على الرجلين ; لكونه ربيبها ، لا لكونه ولدهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية