الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 35 ] باب الهمزة مع الراء

                                                          ( أرب ) ( هـ ) فيه : أن رجلا اعترض النبي صلى الله عليه وسلم ليسأله فصاح به الناس ، فقال دعوا الرجل أرب ماله في هذه اللفظة ثلاث روايات : إحداها أرب بوزن علم ، ومعناها الدعاء عليه ، أي أصيبت آرابه وسقطت ، وهي كلمة لا يراد بها وقوع الأمر ، كما يقال تربت يداك ، وقاتلك الله ، وإنما تذكر في معرض التعجب . وفي هذا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم قولان : أحدهما تعجبه من حرص السائل ومزاحمته ، والثاني أنه لما رآه بهذه الحال من الحرص غلبه طبع البشرية فدعا عليه . وقد قال في غير هذا الحديث : اللهم إنما أنا بشر فمن دعوت عليه فاجعل دعائي له رحمة وقيل معناه احتاج فسأل ، من أرب الرجل يأرب إذا احتاج ، ثم قال ما له ؟ أي أي شيء به ؟ وما يريد ؟ والرواية الثانية : " أرب ماله ، بوزن جمل ، أي حاجة له ، وما زائدة للتقليل ، أي له حاجة يسيرة . وقيل معناه حاجة جاءت به ، فحذف ، ثم سأل فقال ما له .

                                                          والرواية الثالثة أرب بوزن كتف ، والأرب الحاذق الكامل ، أي هو أرب ، فحذف المبتدأ ثم سأل فقال : ما له أي ما شأنه .

                                                          ( س ) ومثله الحديث الآخر أنه جاءه رجل فقال : دلني على عمل يدخلني الجنة ، فقال أرب ما له أي أنه ذو خبرة وعلم . يقال أرب الرجل بالضم فهو أريب ، أي صار ذا فطنة . ورواه الهروي " إرب ما له " بوزن حمل أي أنه ذو إرب : خبرة وعلم .

                                                          ( س هـ ) وفي حديث عمر " أنه نقم على رجل قولا قاله ، فقال : أربت عن ذي يديك " أي سقطت آرابك من اليدين خاصة . وقال الهروي : معناه ذهب ما في يديك حتى تحتاج . وفي هذا [ ص: 36 ] نظر ، لأنه قد جاء في رواية أخرى لهذا الحديث " خررت عن يديك " وهي عبارة عن الخجل مشهورة ، كأنه أراد أصابك خجل أو ذم . ومعنى خررت : سقطت .

                                                          ( هـ ) وفي الحديث : أنه ذكر الحيات فقال : من خشي إربهن فليس منا الإرب بكسر الهمزة وسكون الراء : الدهاء ، أي من خشي غائلتها وجبن عن قتلها - للذي قيل في الجاهلية إنها تؤذي قاتلها أو تصيبه بخبل - فقد فارق سنتنا وخالف ما نحن عليه .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الصلاة " كان يسجد على سبعة آراب " أي أعضاء ، واحدها إرب بالكسر والسكون ، والمراد بالسبعة : الجبهة واليدان والركبتان والقدمان .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عائشة " كان أملككم لأربه " أي لحاجته ، تعني أنه كان غالبا لهواه . وأكثر المحدثين يروونه بفتح الهمزة والراء يعنون الحاجة ، وبعضهم يرويه بكسر الهمزة وسكون الراء ، وله تأويلان : أحدهما أنه الحاجة ، يقال فيها الأرب ، والإرب والإربة والمأربة ، والثاني أرادت به العضو ، وعنت به من الأعضاء الذكر خاصة .

                                                          وفي حديث المخنث : " كانوا يعدونه من غير أولي الإربة " أي النكاح .

                                                          ( س ) وفي حديث عمرو بن العاص " قال فأربت بأبي هريرة ولم تضرر بي إربة أربتها قط قبل يومئذ " أربت به أي احتلت عليه ، وهو من الإرب : الدهاء والنكر .

                                                          ( س ) وفيه : " قالت قريش : لا تعجلوا في الفداء لا يأرب عليكم محمد وأصحابه " أي يتشددون عليكم فيه . يقال أرب الدهر يأرب إذا اشتد وتأرب علي إذا تعدى . وكأنه من الأربة : العقدة .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث سعيد بن العاص " قال لابنه عمرو : لا تتأرب على بناتي " أي لا تتشدد ولا تتعد .

                                                          ( هـ ) وفي الحديث : " أنه أتي بكتف مؤربة " أي موفرة لم ينقص منها شيء . أربت الشيء تأريبا إذا وفرته .

                                                          ( هـ ) وفيه : " مؤاربة الأريب جهل وعناء " أي إن الأريب - وهو العاقل - لا يختل عن عقله .

                                                          [ ص: 37 ] ( س ) وفي حديث جندب " خرج برجل آراب " قيل هي القرحة ، وكأنها من آفات الآراب : الأعضاء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية