الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام

                                                                      3257 حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع حدثنا معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير قال أخبرني أبو قلابة أن ثابت بن الضحاك أخبره أنه بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف بملة غير ملة الإسلام كاذبا فهو كما قال ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة وليس على رجل نذر فيما لا يملكه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( أن ثابت بن الضحاك ) : الحديث ليس من رواية اللؤلئي ولذا لم يذكره [ ص: 66 ] المنذري . وقال الحافظ المزي في الأطراف : الحديث أخرجه البخاري في الجنائز والأدب والنذور ، ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي في الأيمان ، وابن ماجه في الكفارات ، وحديث أبي داود في رواية أبي الحسن بن العبد ولم يذكره أبو القاسم ( أخبره ) : أي أبا قلابة ( أنه ) أي ثابتا ( من حلف بملة ) : الملة بكسر الميم وتشديد اللام الدين والشريعة وهي نكرة في سياق الشرط ، فتعم جميع الملل من أهل الكتاب كاليهودية والنصرانية ومن لحق بهم من المجوسية والصابئة وأهل الأوثان والدهرية والمعطلة وعبدة الشياطين والملائكة وغيرهم . قاله في الفتح ( غير ملة الإسلام ) : صفة ملة ؛ كأن يقول : إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني ( كاذبا ) : أي في حلفه . قال القسطلاني : يستفاد منه أن الحالف إن كان مطمئن القلب بالإيمان وهو كاذب في تعظيم ما لا يعتقد تعظيمه لم يكفر ، وإن قاله معتقدا لليمين بتلك الملة لكونها حقا كفر ، وإن قاله لمجرد التعظيم لها باعتبار ما كان قبل النسخ فلا يكفر ( فهو ) : أي الحالف وهو جواب الشرط ( كما قال ) : وقوله " فهو " مبتدأ و " كما قال " في موضع الخبر ؛ أي فهو كائن كما قال ، وظاهره أنه يكفر بذلك . قال الحافظ : ويحتمل أن يكون المراد بهذا الكلام التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم وكأنه قال فهو مستحق مثل عذاب من اعتقد ما قال ، ونظيره من ترك الصلاة فقد كفر أي استوجب عقوبة من كفر . وقال ابن المنذر : قوله " فهو كما قال " ليس على إطلاقه في نسبته إلى الكفر بل المراد : أنه كاذب ككذب المعظم لتلك الجهة انتهى . ( عذب به ) : بصيغة المجهول أي بالشيء الذي قتل نفسه به لأن جزاءه من جنس عمله . قال الحافظ : قال ابن دقيق : هذا من باب مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية ويؤخذ منه أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم لأن نفسه ليست ملكا له مطلقا بل هي لله تعالى فلا يتصرف فيها إلا بما أذن له فيه ( وليس على رجل ) : أي لا يلزمه ( نذر فيما لا يملكه ) : كأن يقول : إن شفى الله مريضي ففلان حر وهو ليس في ملكه .




                                                                      الخدمات العلمية