الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وفي الذخيرة وهو مما يتصل بهذا الفصل ( فصل في بيان ميراث من له قرابتان من أولاد البنات ) اعلم أنه إذا اجتمع في الواحد من أولاد البنات قرابتان ، وصورة هذا أن يكون لرجل ابنتان لأحدى ابنتيه ابنة وللأخرى ابن فتزوج ابن الابنة بنت الابنة فحدث بينهما ابنة ، ثم مات [ ص: 582 ] الرجل الذي له ابنتان وترك هذه فهذه ابنة ابنة الرجل ، وهي أيضا ابنة ابن ابنة الرجل ، وكان لها قرابتان ، وله ابنة ابنة بنت أخرى لها قرابة واحدة وذكر شيخ الإسلام في شرحه أن على قول أبي يوسف القسمة على الأبدان لا على الآباء وبدنهما متفق فيكون المال بينهما نصفين ، وعند محمد يقسم على الآباء ويورث من جهتين باعتبار الآباء فيقال بأن التي لها قرابة واحدة لها سهم ; لأن أباها أنثى ، والتي لها قرابتان سهم من رجل ; لأن أباها أنثى وسهمان لأن أباها ذكر فصار المال بينهما على أربعة : سهمان يسلم لها بلا منازعة ، وهو ما وصل إليها من جهة أبيها الذكر تنفرد به ، والسهم الذي وصل إليها من جهة أبيها الأنثى يضم إلى ما في يد التي لها قرابة واحدة لاتفاق أبيهما في الأنوثة فيصير سهمان باعتبار بدنهما .

                                                                                        فإن ترك ابنه ابنة بنت ، وهي ابنة ابن ابنه وترك أيضا ابن ابنة ابنته أما عند أبي يوسف فالقسمة على الأبدان وأحدهما ذكر والأخرى أنثى ، وقد استويا في الدرجة فيكون المال بينهما { للذكر مثل حظ الأنثيين } على ثلاثة ، وأما عند محمد يقسم المال على الآباء ، ثم على الأبدان فيقال للذي له قرابة واحدة ، وهي بنت ابنته سهم ; لأن أباه أنثى وللذي له قرابتان فهي ثلاثة أسهم يسلم لها سهمان بلا منازعة ، وهو ما وصل إليها من جهة أبيها الذكر ، وما وصل إليها من جهة أبيها الأنثى ، وذلك سهم لا يسلم لها بل يضم إلى ما في يد الذي لها قرابة واحدة وهو سهم فيقسم بينهما { للذكر مثل حظ الأنثيين } على ثلاثة لاتفاق قرابتهما في هذين السهمين ، واختلاف أبدانهما ، وقسمة سهمين على ثلاثة لا يستقيم ولا موافقة بينهما في شيء فاضرب أصل الفريضة ، وذلك أربعة في ثلاثة فصار اثني عشر سهما هذا جميع المال ومنه تخرج المسألة فإن التي لها قرابتان كان لها سهمان بلا منازعة ضربناهما في ثلاثة فصار لها ستة ، والذي لم يكن يستقيم بينهما مع المنازعة سهمان ضربناهما في ثلاثة فصار ستة بينهما { للذكر مثل حظ الأنثيين } باعتبار الأبدان للتي لها قرابتان ثلثها ، وذلك سهمان ; لأنها أنثى ، وأربعة للذي لها قرابة واحدة ; لأنه ذكر فحصل للذي لها قرابتان ثمانية ستة بلا منازعة .

                                                                                        هذا الذي ذكرنا إذا كانت التي لها قرابتان أنثى والتي لها قرابة واحدة أنثى أما عند أبي يوسف فالمال بينهم أثلاثا باعتبار الأبدان بينهما فللتي لها قرابتان سهمان ; لأنه ذكر ، وللتي لها قرابة واحدة سهم ; لأنها أنثى ، وأما عند محمد : القسمة باعتبار الآباء ، ثم باعتبار الأبدان بينهما فيقال للذي له قرابتان ثلاثة أسهم سهمان ; لأن أباه ذكر وسهم ; لأن أباه أنثى ، والتي لها قرابة واحدة سهم واحد ; لأن أباها أنثى فحصل للذي له قرابتان ثلاثة أسهم فما وصل إلى ذي القرابتين من جهة أبيه الأنثى ، وذلك سهم يضم إلى ما في يد الآخر ، وفي يدها سهم فيكون بينهما باعتبار الأبدان على ثلاثة { للذكر مثل حظ الأنثيين } لاتفاق آبائهما ، واختلاف أبنائهما ، وقسمة سهمين على ثلاثة لا يستقيم ولا توافق بينهما فتضرب أصل الفريضة وذلك أربعة في ثلاثة فيصير اثني عشر هذا جميع المال ، ومنه تخرج المسألة فإن ترك ابنة ابنة وهي ابنة ابن ابنه وترك أيضا ابنة ابنة ابنة وترك أيضا ابنة ابن ابنة أخرى فعلى قول أبي يوسف يقسم بينهم باعتبار الأبدان على ثلاثة أسهم ; لأن أبدانهم متفقة فإن كلهن إناث ، وأما عند محمد القسمة على الآباء ، ثم على الأبدان فيقال لابنة ابنة البنت التي لها قرابة واحدة سهم ; لأن أباها أنثى ولابنة ابن البنت التي لها قرابة واحدة سهمان ; لأن أباها ذكر ولمن لها قرابتان لها ثلاثة أسهم من جهتين سهم من جهة أن أباها أنثى .

                                                                                        وسهمان من جهة أن أباها ذكر فيكون المال بينهم على ستة باعتبار الآباء ، ثم الأبدان متفق ، تجيء قسمة أخرى باعتبار الأبدان هذه الجملة على هذا الترتيب أوردها شيخ الإسلام في شرحه وذكر القاضي الإمام قول محمد رحمه الله على نحو ما ذكر شيخ الإسلام وقال الفرضيون من أهل ما وراء النهر إنها ترث بالجهتين عند أبي يوسف قال القاضي الإمام : وهذا هو الصحيح وهو اختيار القاضي الإمام من أنه على قول أبي يوسف يقسم المال في المسألة الأولى من هذا الفصل بينهما أثلاثا : ثلث المال للتي لها قرابتان ; لأنها في معنى شخصين ، وعند محمد : القسمة على الآباء ، فإن كان مع التي لها قرابتان ابن بنت فعلى قول أبي يوسف رحمه الله على ما اختاره القاضي الإمام : يقسم المال بينهما نصفين ; لأنه يعتبر بالأبدان والتي لها قرابتان بمنزلة ابنتين فيكون المال على أربعة { للذكر مثل حظ الأنثيين } لكل ذكر سهمان ولكل أنثى سهم ، وإن كان مع التي لها قرابتان ابنة ابنة ابنة ، وابن بنت بنت فعند أبي يوسف : القسمة على الأبدان فيكون المال [ ص: 583 ] بينهم أخماسا للتي لها قرابتان سهمان ، وللابنة سهمان وللابنة الأخرى سهم على الآباء ، وأما الكلام في أولادهم وأولاد العمات وأولاد أولاد الأخوال والخالات فنقول : أقربهم إلى الميت أولى فإن استووا في القرب فعند اتحاد الجهة من كان ذا قرابتين يكون أولى .

                                                                                        وإن اختلفت يقسم المال عليهم على نحو ما ذكرنا بيانه من المسائل .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية