أبواب صفة الصلاة
باب افتراض افتتاحها بالتكبير
662 - ( عن رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { علي بن أبي طالب } : رواه الخمسة إلا مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم ، وقال النسائي الترمذي : هذا أصح شيء في هذا الباب وأحسن ) .
أبواب صفة الصلاة
- باب افتراض افتتاحها بالتكبير
- باب أن تكبير الإمام بعد تسوية الصفوف والفراغ من الإقامة
- باب رفع اليدين وبيان صفته ومواضعه
- باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال
- باب نظر المصلي إلى سجوده والنهي عن رفع البصر في الصلاة
- باب ذكر الاستفتاح بين التكبير والقراءة
- باب التعوذ بالقراءة
- باب ما جاء في بسم الله الرحمن الرحيم
- باب في البسملة هل هي من الفاتحة وأوائل السور أم لا
- باب وجوب قراءة الفاتحة
- باب ما جاء في قراءة المأموم وإنصاته إذا سمع إمامه
- باب التأمين والجهر به مع القراءة
- باب حكم من لم يحسن فرض القراءة
- باب قراءة السورة بعد الفاتحة
- باب قراءة سورتين في كل ركعة
- باب جامع القراءة في الصلوات
- باب الحجة في الصلاة بقراءة ابن مسعود وأبي
- باب ما جاء في السكتتين قبل القراءة وبعدها
- باب التكبير للركوع والسجود والرفع
- باب جهر الإمام بالتكبير ليسمع من خلفه وتبليغ الغير له عند الحاجة
- باب هيئات الركوع
- باب الذكر في الركوع والسجود
- باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود
- باب ما يقول في رفعه من الركوع وبعد انتصابه
- باب في أن الانتصاب بعد الركوع فرض
- باب هيئات السجود وكيف الهوي إليه
- باب أعضاء السجود
- باب المصلي يسجد على ما يحمله ولا يباشر مصلاه بأعضائه
- باب الجلسة بين السجدتين وما يقول فيها
- باب السجدة الثانية ولزوم الطمأنينة في الركوع والسجود والرفع عنهما
- باب كيف النهوض إلى الثانية وما جاء في جلسة الاستراحة
- باب افتتاح الثانية بالقراءة من غير تعوذ ولا سكتة
- باب الأمر بالتشهد الأول وسقوطه بالسهو
- باب صفة الجلوس في التشهد وبين السجدتين وما جاء في التورك والإقعاء
- باب ذكر تشهد ابن مسعود وغيره
- باب في أن التشهد في الصلاة فرض
- باب الإشارة بالسبابة وصفة وضع اليدين
- باب ما جاء في الصلاة على رسول الله
- باب ما يستدل به على تفسير آله المصلى عليهم
- باب ما يدعو به في آخر الصلاة
- باب جامع أدعية منصوص عليها في الصلاة
- باب الخروج من الصلاة بالسلام
- باب من اجتزأ بتسليمة واحدة
- باب في كون السلام فريضة
- باب في الدعاء والذكر بعد الصلاة
- باب الانحراف بعد السلام وقدر اللبث بينهما واستقبال المأمومين
- باب جواز الانحراف عن اليمين والشمال
- باب لبث الإمام بالرجال قليلا ليخرج من صلى معه من النساء
- باب جواز عقد التسبيح باليد وعده بالنوى ونحوه
التالي
السابق
الحديث أخرجه أيضا الشافعي والبزار وصححه والحاكم من حديث ابن السكن عن عبد الله بن محمد بن عقيل ابن الحنفية عن . قال علي : لا نعلمه عن البزار إلا من هذا الوجه . وقال علي أبو نعيم : تفرد به . وقال ابن عقيل : في إسناده لين . وقال : وهو أصح من حديث العقيلي الآتي ، وعكس ذلك جابر فقال : حديث ابن العربي أصح شيء في هذا الباب ، جابر أقعد منه بمعرفة الفن . وقال والعقيلي : هذا حديث لا يصح لأن له طريقين : إحداهما عن ابن حبان وفيه علي وهو ضعيف ، والثانية عن ابن عقيل عن أبي نضرة تفرد به أبي سعيد عنه وفي الباب عن أبو سفيان عند جابر أحمد والبزار والترمذي ، وفي إسناده والطبراني أبو يحيى القتات وهو ضعيف . وقال ابن عدي : أحاديثه عندي حسان وعن عند أبي سعيد الترمذي وفي إسناده وابن ماجه أبو سفيان طريف بن شهاب وهو ضعيف ، ورواه عن الحاكم سعيد بن مسروق عن الثوري وهو معلول ، قال الحافظ : وفي الباب أيضا عن أبي سعيد عند عبد الله بن زيد ، وفي إسناده الطبراني . وعن الواقدي عند ابن عباس أيضا وفي إسناده الطبراني نافع بن هرمز وهو متروك . وعن عند أنس ابن عدي وفي إسناده أيضا نافع بن هرمز . وعن عند عبد الله بن مسعود أبي نعيم . قال الحافظ : وإسناده صحيح وهو موقوف . وعن عند عائشة وغيره بلفظ : { مسلم } الحديث ، وآخره { كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين } . وروى الحديث وكان يختم الصلاة بالتسليم من حديث الدارقطني أبي إسحاق من حديث والبيهقي وهذه الطرق يقوي بعضها بعضا فيصلح الحديث للاحتجاج به شعبة
قوله : ( مفتاح ) [ ص: 202 ] بكسر الميم ، والمراد أنه أول شيء يفتتح به من أعمال الصلاة لأنه شرط من شروطها . قوله : ( الطهور ) بضم الطاء ، وقد تقدم ضبطه في أول الكتاب وفي رواية : " الوضوء مفتاح الصلاة " . قوله : ( وتحريمها التكبير ) فيه دليل على أن دون غيره من الأذكار وإليه ذهب الجمهور . وقال افتتاح الصلاة لا يكون إلا بالتكبير : تنعقد الصلاة بكل لفظ قصد به التعظيم ، والحديث يرد عليه لأن الإضافة في قوله تحريمها تقتضي الحرمة فكأنه قال جميع تحريمها التكبير أي انحصرت صحة تحريمها في التكبير لا تحريم لها غيره كقولهم مال فلان الإبل وعلم فلان النحو أبو حنيفة
وفي الباب أحاديث كثيرة تدل على تعيين لفظ التكبير من قوله صلى الله عليه وسلم وفعله ، وعلى هذا فالحديث يدل على وجوب التكبير ، وقد اختلف في حكمه . فقال الحافظ : إنه ركن عند الجمهور ، وشرط عند الحنفية ، ووجه عند ، وسنة عند الشافعي الزهري . قال : ولم يقل به أحد غيره ، وروي عن ابن المنذر سعيد بن المسيب والأوزاعي ، ولم يثبت عن أحد منهم تصريحا ، وإنما قالوا فيمن أدرك الإمام راكعا : يجزيه تكبيرة الركوع . قال ومالك الحافظ : نعم نقله من الحنفية عن الكرخي ابن علية ومخالفتهما للجمهور كثيرة . وذهب إلى الوجوب جماعة من وأبي بكر الأصم السلف ، قال في البحر : إنه فرض إلا عن نفاة الأذكار والزهري ، ويدل على وجوبه ما في حديث المسيء عند وغيره من حديث مسلم بلفظ { أبي هريرة } وعند الجماعة من حديثه بلفظ { فإذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة فكبر } إذا قمت إلى الصلاة فكبر
وقد تقرر أن حديث المسيء هو المرجع في معرفة واجبات الصلاة ، وأن كل ما هو مذكور فيه واجب ، وما خرج عنه وقامت عليه أدلة تدل على وجوبه ففيه خلاف سنذكره إن شاء الله في شرحه في الموضع الذي سيذكره فيه ، ويدل للشرطية حديث المصنف رفاعة في قصة المسيء صلاته عند أبي داود بلفظ { } ورواه لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه ثم يكبر بلفظ { الطبراني } والاستدلال بهذا على الشرطية صحيح إن كان نفي التمام يستلزم نفي الصحة وهو الظاهر ، لأنا متعبدون بصلاة لا نقصان فيها ، فالناقصة غير صحيحة ، ومن ادعى صحتها فعليه البيان ، وقد جعل صاحب ضوء النهار نفي التمام هنا هو نفي الكمال بعينه ، واستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء { ثم يقول : الله أكبر } فإن انتقصت من ذلك شيئا فقد انتقصت من صلاتك
وأنت خبير بأن هذا من محل النزاع أيضا . لأنا نقول : الانتقاص يستلزم عدم الصحة لذلك الدليل الذي أسلفناه ، ولا نسلم أن ترك مندوبات الصلاة ومسنوناتها انتقاص منها ، لأنها أمور خارجة عن ماهية الصلاة ، فلا يرد الإلزام بها ، وكونها تزيد في الثواب لا يستلزم أنها منها ، كما أن الثياب الحسنة تزيد في جمال الذات وليست [ ص: 203 ] منها . نعم وقع في بعض روايات الحديث بلفظ { } أنه لما قال صلى الله عليه وسلم : فإنك لم تصل كبر على الناس أنه من أخف صلاته لم يصل ، حتى قال صلى الله عليه وسلم فإن انتقصت من ذلك شيئا فقد انتقصت من صلاتك فكان أهون عليهم
فكون هذه المقالة كانت أهون عليهم يدل على أن نفي التمام المذكور بمعنى نفي الكمال ، إذ لو كان بمعنى نفي الصحة لم يكن فرق بين المقالتين ، ولما كانت هذه أهون عليهم ، ولا يخفاك أن الحجة في الذي جاءنا عن الشارع من قوله وفعله وتقريره لا في فهم بعض الصحابة ، سلمنا أن فهمهم حجة لكونهم أعرف بمقاصد الشارع ، فنحن نقول بموجب ما فهموه ونسلم أن بين الحالتين تفاوتا ، ولكن ذلك التفاوت من جهة أن من أتى ببعض واجبات الصلاة فقد فعل خيرا من قيام وذكر وتلاوة ، وإنما يؤمر بالإعادة لدفع عقوبة ما ترك ، وترك الواجب سببا للعقاب فإذا كان يعاقب بسبب ترك البعض لزمه أن يفعله إن أمكن فعله وحده ، وإلا فعله مع غيره والصلاة لا يمكن فعل المتروك منها إلا بفعل جميعها . وقد أجاب بمعنى هذا الجواب الحافظ ابن تيمية حفيد المصنف وهو حسن ثم إنا نقول غاية ما ينتهض له دعوى من قال إن نفي التمام بمعنى نفي الكمال هو عدم الشرطية لا عدم الوجوب ، لأن المجيء بالصلاة تامة كاملة واجب
وما أحسن ما قاله ابن تيمية في المقام ولفظه : ومن قال من الفقهاء : إن هذا لنفي الكمال قيل : إن أردت الكمال المستحب فهذا باطل لوجهين : أحدهما : أن هذا لا يوجد قط في لفظ الشارع أنه ينفي عملا فعله العبد على الوجه الذي وجب عليه ، ثم ينفيه لترك المستحبات ، بل الشارع لا ينفي عملا إلا إذا لم يفعله العبد كما وجب عليه . والثاني : لو نفي لترك مستحب لكان عامة الناس لا صلاة لهم ولا صيام ، فإن الكمال المستحب متفاوت إذ كل من لم يكملها كتكميل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال : لا صلاة له ا هـ .
قوله : ( وتحليلها التسليم ) سيأتي إن شاء الله الكلام عليه في باب كون السلام فرضا .
663 ( وعن مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } . رواه صلوا كما رأيتموني أصلي أحمد ، وقد صح عنه كان يفتتح بالتكبير ) والبخاري
الحديث يدل على ويؤكد الوجوب كونها بيان لمجمل وجوب جميع ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصلاة من الأقوال والأفعال
قوله { أقيموا الصلاة } وهو أمر قرآني يفيد الوجوب ، وبيان المجمل الواجب واجب كما تقرر في الأصول إلا أنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم اقتصر في تعليم المسيء صلاته على بعض ما كان يفعله ويداوم عليه ، فعلمنا بذلك أنه لا وجوب لما خرج عنه [ ص: 204 ] من الأقوال والأفعال ، لأن لا يجوز كما تقرر في الأصول تأخير البيان عن وقت الحاجة
بالإجماع ، ووقع الخلاف إذا جاءت صيغة أمر بشيء لم يذكر في حديث المسيء ، فمنهم من قال : يكون قرينة بصرف الصيغة إلى الندب ، ومنهم من قال : تبقى الصيغة على الظاهر الذي تدل عليه ويؤخذ بالزائد فالزائد ، وسيأتي ترجيح ما هو الحق عند الكلام على الحديث إن شاء الله تعالى . .
قوله : ( مفتاح ) [ ص: 202 ] بكسر الميم ، والمراد أنه أول شيء يفتتح به من أعمال الصلاة لأنه شرط من شروطها . قوله : ( الطهور ) بضم الطاء ، وقد تقدم ضبطه في أول الكتاب وفي رواية : " الوضوء مفتاح الصلاة " . قوله : ( وتحريمها التكبير ) فيه دليل على أن دون غيره من الأذكار وإليه ذهب الجمهور . وقال افتتاح الصلاة لا يكون إلا بالتكبير : تنعقد الصلاة بكل لفظ قصد به التعظيم ، والحديث يرد عليه لأن الإضافة في قوله تحريمها تقتضي الحرمة فكأنه قال جميع تحريمها التكبير أي انحصرت صحة تحريمها في التكبير لا تحريم لها غيره كقولهم مال فلان الإبل وعلم فلان النحو أبو حنيفة
وفي الباب أحاديث كثيرة تدل على تعيين لفظ التكبير من قوله صلى الله عليه وسلم وفعله ، وعلى هذا فالحديث يدل على وجوب التكبير ، وقد اختلف في حكمه . فقال الحافظ : إنه ركن عند الجمهور ، وشرط عند الحنفية ، ووجه عند ، وسنة عند الشافعي الزهري . قال : ولم يقل به أحد غيره ، وروي عن ابن المنذر سعيد بن المسيب والأوزاعي ، ولم يثبت عن أحد منهم تصريحا ، وإنما قالوا فيمن أدرك الإمام راكعا : يجزيه تكبيرة الركوع . قال ومالك الحافظ : نعم نقله من الحنفية عن الكرخي ابن علية ومخالفتهما للجمهور كثيرة . وذهب إلى الوجوب جماعة من وأبي بكر الأصم السلف ، قال في البحر : إنه فرض إلا عن نفاة الأذكار والزهري ، ويدل على وجوبه ما في حديث المسيء عند وغيره من حديث مسلم بلفظ { أبي هريرة } وعند الجماعة من حديثه بلفظ { فإذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة فكبر } إذا قمت إلى الصلاة فكبر
وقد تقرر أن حديث المسيء هو المرجع في معرفة واجبات الصلاة ، وأن كل ما هو مذكور فيه واجب ، وما خرج عنه وقامت عليه أدلة تدل على وجوبه ففيه خلاف سنذكره إن شاء الله في شرحه في الموضع الذي سيذكره فيه ، ويدل للشرطية حديث المصنف رفاعة في قصة المسيء صلاته عند أبي داود بلفظ { } ورواه لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه ثم يكبر بلفظ { الطبراني } والاستدلال بهذا على الشرطية صحيح إن كان نفي التمام يستلزم نفي الصحة وهو الظاهر ، لأنا متعبدون بصلاة لا نقصان فيها ، فالناقصة غير صحيحة ، ومن ادعى صحتها فعليه البيان ، وقد جعل صاحب ضوء النهار نفي التمام هنا هو نفي الكمال بعينه ، واستدل على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء { ثم يقول : الله أكبر } فإن انتقصت من ذلك شيئا فقد انتقصت من صلاتك
وأنت خبير بأن هذا من محل النزاع أيضا . لأنا نقول : الانتقاص يستلزم عدم الصحة لذلك الدليل الذي أسلفناه ، ولا نسلم أن ترك مندوبات الصلاة ومسنوناتها انتقاص منها ، لأنها أمور خارجة عن ماهية الصلاة ، فلا يرد الإلزام بها ، وكونها تزيد في الثواب لا يستلزم أنها منها ، كما أن الثياب الحسنة تزيد في جمال الذات وليست [ ص: 203 ] منها . نعم وقع في بعض روايات الحديث بلفظ { } أنه لما قال صلى الله عليه وسلم : فإنك لم تصل كبر على الناس أنه من أخف صلاته لم يصل ، حتى قال صلى الله عليه وسلم فإن انتقصت من ذلك شيئا فقد انتقصت من صلاتك فكان أهون عليهم
فكون هذه المقالة كانت أهون عليهم يدل على أن نفي التمام المذكور بمعنى نفي الكمال ، إذ لو كان بمعنى نفي الصحة لم يكن فرق بين المقالتين ، ولما كانت هذه أهون عليهم ، ولا يخفاك أن الحجة في الذي جاءنا عن الشارع من قوله وفعله وتقريره لا في فهم بعض الصحابة ، سلمنا أن فهمهم حجة لكونهم أعرف بمقاصد الشارع ، فنحن نقول بموجب ما فهموه ونسلم أن بين الحالتين تفاوتا ، ولكن ذلك التفاوت من جهة أن من أتى ببعض واجبات الصلاة فقد فعل خيرا من قيام وذكر وتلاوة ، وإنما يؤمر بالإعادة لدفع عقوبة ما ترك ، وترك الواجب سببا للعقاب فإذا كان يعاقب بسبب ترك البعض لزمه أن يفعله إن أمكن فعله وحده ، وإلا فعله مع غيره والصلاة لا يمكن فعل المتروك منها إلا بفعل جميعها . وقد أجاب بمعنى هذا الجواب الحافظ ابن تيمية حفيد المصنف وهو حسن ثم إنا نقول غاية ما ينتهض له دعوى من قال إن نفي التمام بمعنى نفي الكمال هو عدم الشرطية لا عدم الوجوب ، لأن المجيء بالصلاة تامة كاملة واجب
وما أحسن ما قاله ابن تيمية في المقام ولفظه : ومن قال من الفقهاء : إن هذا لنفي الكمال قيل : إن أردت الكمال المستحب فهذا باطل لوجهين : أحدهما : أن هذا لا يوجد قط في لفظ الشارع أنه ينفي عملا فعله العبد على الوجه الذي وجب عليه ، ثم ينفيه لترك المستحبات ، بل الشارع لا ينفي عملا إلا إذا لم يفعله العبد كما وجب عليه . والثاني : لو نفي لترك مستحب لكان عامة الناس لا صلاة لهم ولا صيام ، فإن الكمال المستحب متفاوت إذ كل من لم يكملها كتكميل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال : لا صلاة له ا هـ .
قوله : ( وتحليلها التسليم ) سيأتي إن شاء الله الكلام عليه في باب كون السلام فرضا .
663 ( وعن مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { } . رواه صلوا كما رأيتموني أصلي أحمد ، وقد صح عنه كان يفتتح بالتكبير ) والبخاري
الحديث يدل على ويؤكد الوجوب كونها بيان لمجمل وجوب جميع ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصلاة من الأقوال والأفعال
قوله { أقيموا الصلاة } وهو أمر قرآني يفيد الوجوب ، وبيان المجمل الواجب واجب كما تقرر في الأصول إلا أنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم اقتصر في تعليم المسيء صلاته على بعض ما كان يفعله ويداوم عليه ، فعلمنا بذلك أنه لا وجوب لما خرج عنه [ ص: 204 ] من الأقوال والأفعال ، لأن لا يجوز كما تقرر في الأصول تأخير البيان عن وقت الحاجة
بالإجماع ، ووقع الخلاف إذا جاءت صيغة أمر بشيء لم يذكر في حديث المسيء ، فمنهم من قال : يكون قرينة بصرف الصيغة إلى الندب ، ومنهم من قال : تبقى الصيغة على الظاهر الذي تدل عليه ويؤخذ بالزائد فالزائد ، وسيأتي ترجيح ما هو الحق عند الكلام على الحديث إن شاء الله تعالى . .