الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 182 ] ذكر الأحداث في بني إسرائيل في عهد زو ، وكيقباذ ، ونبوة حزقيل

لما توفي يوشع بن نون قام بأمر بني إسرائيل بعده كالب بن يوفنا ، ثم حزقيل بن نورى ، وهو الذي يقال له ابن العجوز ، وإنما قيل له ذلك لأن أمه سألت الله الولد وقد كبرت ، فوهبه الله لها ، وهو الذي دعا للقوم الموتى فأحياهم الله .

وكان سبب ذلك : أن قرية يقال لها داوردان وقع بها الطاعون ، فهرب عامة أهلها ونزلوا ناحية ، فهلك أكثر من بقي بالقرية وسلم الآخرون ، فلما ارتفع الطاعون رجعوا . فقال الذين بقوا : أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منا ولو صنعنا ما صنعوا بقينا . فوقع الطاعون من قابل ، فهرب عامة أهلها ، وهم بضعة وثلاثون ألفا ، وقيل ثلاثة آلاف ، وقيل : أربعة آلاف ، وقيل غير ذلك ، حتى نزلوا ذلك المكان ، فصاح بهم ملك فماتوا ونخرت عظامهم ، فمر بهم حزقيل ، فلما رآهم جعل يتفكر في بعثهم ، فأوحى الله إليه : أتريد أن أريك كيف أحييهم ؟ قال : نعم . فقيل : ناد ، فنادى : يا أيتها العظام البالية إن الله يأمرك أن تجتمعي ، فجعلت العظام تطير بعضها إلى بعض حتى صارت أجسادا من عظام . ثم نادى يا أيتها العظام إن الله أمرك أن تكتسي فاكتست لحما ودما وثيابها التي ماتت فيها . ثم نادى : يا أيتها الأرواح إن الله يأمرك أن تعودي إلى أجسادك . فعادت الأجساد أحياء ، وقالوا حين أحيوا : سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت ! فرجعوا إلى قومهم أحياء يعرفون أنهم كانوا موتى ، سحنة الموت على وجوههم ، لا يلبسون ثوبا إلا عاد كفنا دسما ، ثم ماتوا ثم مات حزقيل ، ولم تذكر مدته في بني إسرائيل .

[ ص: 183 ] وقيل : كانوا قوم حزقيل ، فلما أن ماتوا بكى حزقيل ، وقال : يا رب ، كنت في قوم يعبدونك ويذكرونك ، فبقيت وحيدا ! فقال الله : أتحب أن أحييهم ؟ قال : نعم . قال : فإني قد جعلت حياتهم إليك . فقال حزقيل : احيوا بإذن الله تعالى ، فعاشوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية