الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : إن امرؤ هلك ليس له ولد ؛ جاز مع " إن " ؛ تقديم الاسم قبل الفعل؛ لأن " إن " ؛ لا تعمل في الماضي؛ ولأنها أم الجزاء؛ والنحويون يذهبون إلى أن معها فعلا مضمرا؛ الذي ظهر يفسره؛ والمعنى : " إن هلك امرؤ هلك " ؛ وقوله : يبين الله لكم أن تضلوا ؛ قيل فيها قولان؛ قال بعضهم : المعنى : يبين الله لكم ألا تضلوا " ؛ [ ص: 137 ] فأضمرت " لا " ؛ وقال البصريون : إن " لا " ؛ لا تضمر؛ وإن المعنى : " يبين الله لكم كراهة أن تضلوا " ؛ ولكن حذفت " كراهة " ؛ لأن في الكلام دليلا عليها؛ وإنما جاز الحذف عندهم على حد قوله : واسأل القرية ؛ والمعنى : واسأل أهل القرية؛ فحذف الأول جائز؛ ويبقى المضاف يدل على المحذوف؛ قالوا : فأما حذف " لا " ؛ وهي حرف جاء لمعنى النفي؛ فلا يجوز؛ ولكن " لا " ؛ تدخل في الكلام مؤكدة؛ وهي لغو؛ كقوله : لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون ؛ ومثله قول الشاعر :

                                                                                                                                                                                                                                        وما ألوم البيض ألا تسخرا ... لما رأين الشمط القفندرا

                                                                                                                                                                                                                                        المعنى : وما ألوم البيض أن تسخر؛ ومثل دخول " لا " ؛ توكيدا قوله - عز وجل - : لا أقسم بيوم القيامة ؛ و لا أقسم بهذا البلد ؛ فإن قال قائل : أفيجوز أن تقول : " لا أحلف عليك " ؛ تريد : " أحلف عليك " ؟ قيل : " لا " ؛ لأن " لا " ؛ إنما تلغى إذا مضى صدر الكلام على غير النفي؛ فإذا بنيت الكلام على النفي فقد نقضت الإيجاب؛ وإنما جاز أن تلغى " لا " ؛ في أول السورة؛ لأن القرآن كله كالسورة الواحدة؛ ألا ترى أن جواب الشيء قد [ ص: 138 ] يقع وبينهما سور؟ كما قال - جل وعز - جوابا لقوله : وقالوا يا أيها الذي نـزل عليه الذكر إنك لمجنون - فقال : ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون ؛ ومثله في القرآن كثير.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية