الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 321 ] باب حكم كتاب القاضي إلى القاضي قوله ( يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في المال ، وما يقصد به المال : كالقرض ، والغصب ، والبيع ، والإجارة ، والرهن ، والصلح ، والوصية له ، والجناية الموجبة للمال ) بلا نزاع . قوله ( ولا يقبل في حد الله تعالى ) . وهو المذهب وعليه الأصحاب . وقطعوا به . وذكروا في الرعاية رواية : يقبل . قوله ( وهل يقبل فيما عدا ذلك مثل : القصاص ، والنكاح ، والطلاق ، والخلع ، والعتق ، والنسب ، والكتابة ، والتوكيل ، والوصية إليه ؟ على روايتين ) . قال في الهداية : يخرج على روايتين . وقال في الخلاصة : فيه وجهان . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب . والمستوعب ، والخلاصة ، وشرح ابن منجا .

أحدهما : يقبل . وهو المذهب . وهو ظاهر كلام الخرقي . قال الزركشي : يحتمله كلام الخرقي . وجزم به في الوجيز . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع . نقل جماعة عن الإمام أحمد رحمه الله : يقبل حتى في قود . ونصره القاضي وأصحابه . وجزم به في الروضة ، وغيرها . [ ص: 322 ]

والرواية الثانية : لا يقبل في ذلك . قال الزركشي : وهو مختار كثير من أصحاب القاضي . قال المصنف ، والشارح ، والمذهب : أنه لا يقبل في القصاص . قال في العمدة : ويقبل في كل حق ، إلا في الحدود والقصاص . وقال ابن حامد : لا يقبل في النكاح ونحوه قول أبي بكر . وعنه : ما يدل على قبوله ، إلا في الدماء والحدود قال في الفروع ، وغيره : وعنه : لا يقبل فيما لا يقبل فيه إلا رجلان .

فائدة :

قال في الفروع : وفي هذه المسألة ذكروا : أن كتاب القاضي إلى القاضي : حكمه كالشهادة على الشهادة . لأنه شهادة على شهادة . وذكروا فيما إذا تغيرت حاله أنه أصل . ومن شهد عليه فرع . وجزم به ابن الزاغوني ، وغيره . فلا يجوز نقض الحكم بإنكار القاضي الكاتب . ولا يقدح في عدالة البينة . بل يمنع إنكاره الحكم كما يمنع رجوع شهود الأصل الحكم . فدل ذلك على أنه فرع لمن شهد عنده . وهو أصل لمن شهد عليه . ودل ذلك : أنه يجوز أن يكون شهود فرع فرعا لأصل . يؤيده قولهم في التعليل : إن الحاجة داعية إلى ذلك . وهذا المعنى موجود في فرع الفرع . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية