الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فصل في صفة قبره عليه الصلاة والسلام

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قد علم بالتواتر أنه ، عليه الصلاة والسلام ، دفن في حجرة عائشة التي كانت تختص بها شرقي مسجده في الزاوية الغربية القبلية من الحجرة ، ثم دفن بعده فيها أبو بكر ، ثم عمر ، رضي الله عنهما .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال البخاري : ثنا محمد بن مقاتل ثنا عبد الله ، ثنا أبو بكر بن عياش ، عن سفيان التمار ، أنه حدثه أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما . تفرد به البخاري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 154 ] وقال أبو داود : ثنا أحمد بن صالح ، ثنا ابن أبي فديك ، أخبرني عمرو بن عثمان بن هانئ ، عن القاسم قال : دخلت على عائشة ، وقلت لها يا أمه ، اكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة ، مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو بكر رضي الله عنه

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عمر رضي الله عنه

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      تفرد به أبو داود .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد رواه الحاكم والبيهقي من حديث ابن أبي فديك ، عن عمرو بن عثمان ، عن القاسم قال : فرأيت النبي ، عليه الصلاة والسلام ، مقدما وأبو بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم ، وعمر رأسه عند رجل النبي صلى الله عليه وسلم . قال البيهقي : وهذه الرواية تدل على أن قبورهم مسطحة ; لأن الحصباء لا تثبت إلا على المسطح . وهذا عجيب من البيهقي ، رحمه الله ; فإنه ليس في الرواية ذكر الحصباء بالكلية ، وبتقدير ذلك فيمكن أن يكون مسنما ، وعليه الحصباء مغروزة بالطين ونحوه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 155 ] وقد روى الواقدي ، عن الدراوردي عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : جعل قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسطحا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال البخاري : ثنا فروة بن أبي المغراء ، ثنا علي بن مسهر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك أخذوا في بنائه ، فبدت لهم قدم ففزعوا فظنوا أنه قدم النبي صلى الله عليه وسلم ، فما وجد واحد يعلم ذلك ، حتى قال لهم عروة : لا والله ما هي قدم النبي صلى الله عليه وسلم ما هي إلا قدم عمر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وعن هشام عن أبيه ، عن عائشة ، أنها أوصت عبد الله بن الزبير لا تدفني معهم ، وادفني مع صواحبي بالبقيع ، لا أزكى به أبدا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قلت : كان الوليد بن عبد الملك حين ولي الإمارة في سنة ست وثمانين ، قد شرع في بناء جامع دمشق ، وكتب إلى نائبه بالمدينة ، ابن عمه عمر بن عبد العزيز ، أن يوسع في مسجد المدينة فوسعه حتى من ناحية الشرق ، فدخلت الحجرة النبوية فيه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد روى الحافظ ابن عساكر بسنده ، عن زاذان مولى الفرافصة ، وهو الذي بنى المسجد النبوي أيام ولاية عمر بن عبد العزيز على المدينة فذكر عن [ ص: 156 ] سالم بن عبد الله نحو ما ذكره البخاري ، وحكى صفة القبور ، كما رواه أبو داود .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية