الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ حيلة في شراء العبد نفسه من سيده ]

المثال السادس والتسعون : إذا اشترى العبد نفسه من سيده بمال يؤديه إليه ، فأدى إليه معظمه ، ثم جحد السيد أن يكون باعه نفسه ، وللسيد في يد العبد مال أذن له في التجارة به ، فالحيلة أن يشهد العبد في السر أن المال الذي في يده لرجل أجنبي ، فإن وفى له سيده بما عاهده عليه وفى له العبد ، وسلمه ماله ، وإن غدر به تمكن العبد من الغدر به ، وإخراج المال عن يده ، وهذه الحيلة لا تتأتى على أصل من يمنع مسألة الظفر ، ولا على قول من يجيزها ، فإن السيد إذا ظلمه بجحده حقه لم يكن له أن يظلمه بمنعه ماله ، وأن يحول بينه وبينه فيقابل الظلم بالظلم ، ولا يرجع إليه منه فائدة ، ولكن فائدة هذه الحيلة أن السيد متى [ ص: 21 ] علم بصورة الحال ، وأنه متى جحده البيع حال بينه وبين ماله بالإقرار الذي يظهره منعه ذلك من جحود البيع فيكون بمنزلة رجل أمسك ولد غيره ; ليقتله فظفر هو بولده قبل القتل فأمسكه ، وأراه أنه إن قتل ولده قتل هو ولده أيضا ، ونظائر ذلك .

وكذلك إن كان السيد هو الذي يخاف من العبد أن لا يقر له بالمال ويقر به لغيره يتواطآن عليه فالحيلة أن يبدأ السيد فيبيع العبد لأجنبي في السر ، ويشهد على بيعه ، ثم يبيع العبد من نفسه ، فإذا قبض المال فأظهر العبد إقرارا بأن ما في يده لأجنبي أظهر السيد أن بيعه لنفسه كان باطلا ، وأن فلانا الأجنبي قد اشتراه ، فإذا علم العبد أن عتقه يبطل ، ولا يحصل مقصوده امتنع من التحيل على إخراج مال السيد عنه إلى أجنبي .

ونظير هذه الحيلة إذا أراد ظالم أخذ داره بشراء أو غيره فالحيلة أن يملكها لمن يثق به ، ثم يشهد على ذلك ، وأنها خرجت عن ملكه ، ثم يظهر أنه وقفها على الفقراء والمساكين ، ولو كان في بلده حاكم يرى صحة وقف الإنسان على نفسه ، وصحة استثناء الغلة له وحده مدة حياته ، وصحة وقفه لها بعد موته فحكم له بذلك استغنى عن هذه الحيلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية