الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عنج ]

                                                          عنج : عنج الشيء يعنجه : جذبه . وكل شيء تجذبه إليك ، فقد عنجته . وعنج رأس البعير يعنجه ويعنجه عنجا : جذبه بخطامه حتى رفعه وهو راكب عليه .

                                                          والعنج : أن يجذب راكب البعير خطامه قبل رأسه حتى ربما لزم ذفراه بقادمة الرحل . وفي الحديث : أن رجلا سار معه على جمل فجعل يتقدم القوم ، ثم يعنجه حتى يصير في أخريات القوم أي : يجذب زمامه ليقف ، من عنجه يعنجه إذا عطفه .

                                                          ومنه الحديث أيضا : وعثرت ناقته فعنجها بالزمام . وفي حديث علي كرم الله وجهه : كأنه قلع داري عنجه نوتيه أي : عطفه ملاحه . وأعنجت : كفت ؛ قال مليح الهذلي :


                                                          وأبصرتهم حتى إذا ما تقاذفت صهابية تبطي مرارا وتعنج

                                                          والعناج : ما عنج به . وعنج البعير والناقة يعنجها عنجا : عطفها . [ ص: 296 ] والعنج : الرياضة ؛ وفي المثل : عود يعلم العنج ؛ يضرب مثلا لمن أخذ في تعلم شيء بعدما كبر ؛ وقيل : معناه أي : يراض فيرد على رجليه وقولهم : شيخ على عنج أي : شيخ هرم على جمل ثقيل .

                                                          وعنجت البكر أعنجه عنجا إذا ربطت خطامه في ذراعه وقصرته ، وإنما يفعل ذلك بالبكر الصغير إذا ريض ، وهو مأخوذ من عناج الدلو . وعنجة الهودج : عضادته عند بابه يشد بها الباب . والعنج بلغة هذيل : الرجل ، وقيل هو بالغين معجمة ؛ قال الأزهري : ولم أسمعه بالعين من أحد يرجع إلى علمه ولا أدري ما صحته . والعنج : جماعة الناس . والعناج : خيط أو سير يشد في أسفل الدلو ثم يشد في عروتها أو عرقوتها ، قال : وربما شد في إحدى آذانها .

                                                          وقيل : عناج الدلو عروة في أسفل الغرب من باطن تشد بوثاق إلى أعلى الكرب ، فإذا انقطع الحبل أمسك العناج الدلو أن يقع في البئر ، وكل ذلك إذا كانت الدلو خفيفة ، وهو إذا كان في دلو ثقيلة حبل أو بطان يشد تحتها ، ثم يشد إلى العراقي فيكون عونا للوذم فإذا انقطعت الأوذام أمسكها العناج ؛ قال الحطيئة يمدح قوما عقدوا لجارهم عهدا فوفوا به ولم يخفروه :


                                                          قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم     شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا

                                                          وهذه أمثال ضربها لإيفائهم بالعهد ، والجمع أعنجة وعنج ؛ وقد عنج الدلو يعنجها عنجا : عمل لها ذلك ، ويقال : إني لأرى لأمرك عناجا أي : ملاكا ، مأخوذ من عناج الدلو ؛ وأنشد الليث :


                                                          وبعض القول ليس له عناج     كسيل الماء ليس له إتاء

                                                          وقول لا عناج له إذا أرسل على غير روية .

                                                          وفي الحديث : إن الذين وافوا الخندق من المشركين كانوا ثلاثة عساكر ، وعناج الأمر إلى أبي سفيان أي : أنه كان صاحبهم ومدبر أمرهم والقائم بشئونهم ، كما يحمل ثقل الدلو عناجها . ورجل معنج : يعترض في الأمور . والعنجوج : الرائع من الخيل ، وقيل : الجواد ، والجمع عناجيج ؛ فأما قوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          إن مضى الحول ولم آتكم     بعناج تهتدي أحوى طمر

                                                          فإنه يروى بعناج وبعناجي ؛ فمن رواه بعناج فإنه أراد بعناجج أي : بعناجيج ، فحذف الياء للضرورة ، فقال : بعناجج ثم حول الجيم الأخيرة ياء فصار على وزن جوار ، فنون لنقصان البناء ، وهو من محول التضعيف ؛ ومن رواه عناجي جعله بمنزلة قوله :


                                                          ولضفادي جمة نقانق

                                                          أراد عناجج كما أراد ضفادع . وقوله : تهتدي أحوى ؛ يجوز أن يريد بأحوى ، فحذف وأوصل ، ويجوز أن يريد بعناجيج حو طمرة تهتدي فوضع الواحد موضع الجمع ، وقد استعملوا العناجيج في الإبل ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          إذا هجمة صهب عناجيج زاحمت     فتى عند جرد طاح بين الطوائح
                                                          تسود من أربابها غير سيد     وتصلح من أحسابهم غير صالح

                                                          أي : يغلب ويقهر ؛ لأنه ليس له مثلها يفتخر بها ويجود بها ؛ قال الليث : ويكون العنجوج من النجائب أيضا . وفي الحديث : قيل : يا رسول الله فالإبل ؟ قال : تلك عناجيج الشياطين ، أي : مطاياها ، واحدها عنجوج ، وهو النجيب من الإبل ؛ وقيل : هو الطويل العنق من الإبل والخيل ، وهو من العنج العطف ، وهو مثل ضربه لها ؛ يريد أنها يسرع إليها الذعر والنفار . وأعنج الرجل إذا اشتكى عناجه ؛ والعناج : وجع الصلب والمفاصل . والعنجج : الضيمران من الرياحين ؛ قال الأزهري : ولم أسمعه لغير الليث ؛ وقيل : هو الشاهسفرم . والعنجنج : العظيم ؛ وأنشد أبو عمرو لهميان السعدي :

                                                          عنجنج شفلح بلندح وأما الذي ورد في حديث ابن مسعود : فلما وضعت رجلي على مذمر أبي جهل قال : اعل عنج .

                                                          فإنه أراد : اعل عني ، فأبدل الياء جيما .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية