الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                      618- وقال: (إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 394 ] فكرر الفعل وقد يستغنى بأحدهما؛ وهذا على لغة الذين قالوا "ضربت زيدا ضربته" وهو توكيد مثل: (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) وقال بعضهم (أحد عشر) وأسكن العين وكذلك (تسعة عشر) إلى العشرين لما طال الاسم وكثرت متحركاته أسكنوا. ولم يسكنوا في قولهم: "اثني عشر واثنتا عشرة" للحرف الساكن الذي قبل العين وحركة العين في هذا كله هو الأصل.

                                                                                                                                                                                                                      وأما قوله: (رأيتهم لي ساجدين) فإنه لما جعلهم كمن يعقل في السجود والطواعية جعلهم كالإنس في تذكيرهم إذا جمعهم، كما قال: (علمنا منطق الطير) . وقال الشاعر: [ لبيد ]:


                                                                                                                                                                                                                      (256) صدها منطق الدجاج عن القصد وضرب الناقوس فاجتنبا

                                                                                                                                                                                                                      وقال: (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم) إذا تكلمت نملة فصارت كمن يعقل وقال: (في فلك يسبحون) لما جعلهم يطيعون شبههم بالإنس مثل ذلك: (قالتا أتينا طائعين) على هذا القياس إلا أنه ذكر وليس مذكرا كما يذكر بعض المؤنث. وقال قوم: إنما قال: (طائعين) لأنهما أتتا وما فيهما فتوهم بعضهم "مذكرا" أو يكون كما قال: (واسأل القرية) وهو يريد أهلها. وكما تقول: "صلى المسجد" وأنت تريد أهل المسجد إلا أنك تحمل الفعل على الآخر، كما قالوا: "اجتمعت أهل اليمامة" وقال: (ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن) لأن

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 395 ] الجماعة من غير الإنس مؤنثة. وقال بعضهم "للذي خلق الآيات" ولا أراه قال ذلك إلا لجهله بالعربية. قال الشاعر [ عبدة بن الطيب ]:


                                                                                                                                                                                                                      (257) إذ أشرف الديك يدعو بعض أسرته     إلى الصياح وهم قوم معازيل

                                                                                                                                                                                                                      فجعل "الدجاج" قوما في جواز اللغة. وقال الآخر وهو يعني الذئب:


                                                                                                                                                                                                                      (258) وأنت امرؤ تعدو على كل غرة     فتخطئ فيها مرة وتصيب

                                                                                                                                                                                                                      وقال الآخر:


                                                                                                                                                                                                                      (259) فصبحت والطير لم تكلم     جابية طمت بسيل مفعم



                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية