الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عنز ]

                                                          عنز : العنز : الماعزة ، وهي الأنثى من المعزى والأوعال والظباء ، والجمع أعنز وعنوز وعناز ، وخص بعضهم بالعناز جمع عنز الظباء ؛ وأنشد ابن الأعرابي :

                                                          أبهي إن العنز تمنع ربها من أن يبيت جاره بالحائل أراد يا بهية فرخم ، والمعنى أن العنز يتبلغ أهلها بلبنها فتكفيهم الغارة على مال الجار المستجير بأصحابها . وحائل : أرض بعينها ، وأدخل عليها الألف واللام للضرورة ، ومن أمثال العرب : حتفها تحمل ضأن بأظلافها . ومن أمثالهم في هذا : لا تك كالعنز تبحث عن المدية ؛ يضرب مثلا للجاني على نفسه جناية يكون فيها هلاكه ، وأصله أن رجلا كان جائعا بالفلاة فوجد عنزا ولم يجد ما يذبحها به ، فبحثت بيديها وأثارت عن مدية فذبحها بها . ومن أمثالهم في الرجلين يتساويان في الشرف قولهم : هما كركبتي العنز ؛ وذلك أن ركبتيها إذا أرادت أن تربض وقعتا معا . فأما قولهم : قبح الله عنزا خيرها خطة ! فإنه أراد جماعة عنز أو أراد أعنزا فأوقع الواحد موقع الجمع . ومن أمثالهم : كفي فلان يوم العنز ؛ يضرب للرجل يلقى ما يهلكه . وحكي عن ثعلب : يوم كيوم العنز ، وذلك إذا قاد حتفا ؛ قال الشاعر :

                                                          رأيت ابن ذبيان يزيد رمى به إلى الشام يوم العنز والله شاغله قال المفضل : يريد حتفا كحتف العنز حين بحثت عن مديتها . والعنز وعنز الماء ، جميعا : ضرب من السمك ، وهو أيضا طائر من طير الماء . والعنز : الأنثى من الصقور والنسور . والعنز : العقاب ، والجمع عنوز . والعنز : الباطل . والعنز : الأكمة السوداء ؛ قال رؤبة :


                                                          وإرم أخرس فوق عنز

                                                          قال الأزهري : سألني أعرابي عن قول رؤبة :


                                                          وإرم أعيس فوق عنز

                                                          فلم أعرفه ، وقال : العنز القارة السوداء ، والإرم علم يبنى فوقها ، وجعله أعيس ؛ لأنه بني من حجارة بيض ليكون أظهر لمن يريد الاهتداء به على الطريق في الفلاة . وكل بناء أصم ، فهو أخرس ؛ وأما قول الشاعر :

                                                          وقاتلت العنز نصف النها ر ثم تولت مع الصادر فهو اسم قبيلة من هوازن ؛ وقوله :


                                                          وكانت بيوم العنز صادت فؤاده

                                                          العنز : أكمة نزلوا عليها فكان لهم بها حديث . والعنز : صخرة في الماء ، والجمع عنوز . والعنز : أرض ذات حزونة ورمل وحجارة أو [ ص: 300 ] أثل ، وربما سميت الحبارى عنزا ، وهي العنزة أيضا والعنز . والعنزة أيضا : ضرب من السباع بالبادية دقيق الخطم يأخذ البعير من قبل دبره ، وهي فيها كالسلوقية ، وقلما يرى ؛ وقيل : هو على قدر ابن عرس يدنو من الناقة وهي باركة ثم يثب فيدخل في حيائها فيندمص فيه حتى يصل إلى الرحم فيجتبذها فتسقط الناقة فتموت ، ويزعمون أنه شيطان ؛ قال الأزهري : العنزة عند العرب من جنس الذئاب وهي معروفة .

                                                          ورأيت بالصمان ناقة مخرت من قبل ذنبها ليلا فأصبحت وهي ممخورة قد أكلت العنزة من عجزها طائفة فقال راعي الإبل ، وكان نميريا فصيحا : طرقتها العنزة فمخرتها .

                                                          والمخر الشق ، وقلما تظهر لخبثها ؛ ومن أمثال العرب المعروفة :


                                                          ركبت عنز بحدج جملا

                                                          وفيها يقول الشاعر :

                                                          شر يوميها وأغواه لها ركبت عنز بحدج جملا قال الأصمعي : وأصله أن امرأة من طسم يقال لها : عنز أخذت سبية ، فحملوها في هودج وألطفوها بالقول والفعل فعند ذلك قالت :


                                                          شر يوميها وأغواه لها

                                                          تقول : شر أيامي حين صرت أكرم للسباء ؛ يضرب مثلا في إظهار البر باللسان والفعل لمن يراد به الغوائل . وحكى ابن بري قال : كان المملك على طسم رجلا يقال له : عملوق أو عمليق ، وكان لا تزف امرأة من جديس حتى يؤتى بها إليه فيكون هو المفتض لها أولا . وجديس هي أخت طسم ، ثم إن عفيرة بنت عفار ، وهي من سادات جديس ، زفت إلى بعلها ، فأتي بها إلى عمليق فنال منها ما نال ، فخرجت رافعة صوتها شاقة جيبها كاشفة قبلها ، وهي تقول :

                                                          لا أحد أذل من جديس أهكذا يفعل بالعروس فلما سمعوا ذلك عظم عليهم واشتد غضبهم ومضى بعضهم إلى بعض ، ثم إن أخا عفيرة وهو الأسود بن عفار صنع طعاما لعرس أخته عفيرة ، ومضى إلى عمليق يسأله أن يحضر طعامه فأجابه ، وحضر هو وأقاربه وأعيان قومه ، فلما مدوا أيديهم إلى الطعام غدرت بهم جديس ، فقتل كل من حضر الطعام ولم يفلت منهم أحد إلا رجل يقال له : رياح بن مرة ، توجه حتى أتى حسان بن تبع فاستجاشه عليهم ورغبه فيما عندهم من النعم ، وذكر أن عندهم امرأة يقال لها : عنز ، ما رأى الناظرون لها شبها ، وكانت طسم وجديس بجو اليمامة ، فأطاعه حسان وخرج هو ومن عنده حتى أتوا جوا ، وكان بها زرقاء اليمامة ، وكانت أعلمتهم بجيش حسان من قبل أن يأتي بثلاثة أيام ، فأوقع بجديس وقتلهم وسبى أولادهم ونساءهم وقلع عيني زرقاء وقتلها ، وأتي إليه بعنز راكبة جملا ، فلما رأى ذلك بعض شعراء جديس قال :

                                                          أخلق الدهر بجو طللا مثل ما أخلق سيف خللا وتداعت أربع دفافة تركته هامدا منتخلا من جنوب ودبور حقبة وصبا تعقب ريحا شمألا ويل عنز واستوت راكبة فوق صعب لم يقتل ذللا شر يوميها وأغواه لها ركبت عنز بحدج جملا لا ترى من بيتها خارجة وتراهن إليها رسلا منعت جوا ورامت سفرا ترك الخدين منها سبلا يعلم الحازم ذو اللب بذا أنما يضرب هذا مثلا ونصب شر يوميها بركبت على الظرف أي : ركبت بحدج جملا في شر يوميها . والعنزة : عصا في قدر نصف الرمح أو أكثر شيئا فيها سنان مثل سنان الرمح ، وقيل : في طرفها الأسفل زج كزج الرمح يتوكأ عليها الشيخ الكبير ، وقيل : هي أطول من العصا وأقصر من الرمح ، والعكازة قريب منها . ومنه الحديث لما طعن أبي بن خلف بالعنزة بين ثدييه قال : قتلني ابن أبي كبشة . وتعنز واعتنز : تجنب الناس وتنحى عنهم ، وقيل : المعتنز الذي لا يساكن الناس لئلا يرزأ شيئا . وعنز الرجل : عدل ، يقال : نزل فلان معتنزا إذا نزل جريدا في ناحية من الناس . ورأيته معتنزا ومنتبذا إذا رأيته متنحيا عن الناس ؛ قال الشاعر :

                                                          أباتك الله في أبيات معتنز عن المكارم لا عف ولا قاري أي : ولا يقري الضيف ورجل معنز الوجه إذا كان قليل لحم الوجه في عرنينه شمم . وعنز وجه الرجل : قل لحمه . وسمع أعرابي يقول لرجل : هو معنز اللحية ، وفسره أبو داود بزريش : كأنه شبه لحيته بلحية التيس . والعنز وعنز ، جميعا : أكمة بعينها . وعنز : اسم امرأة يقال لها : عنز اليمامة ، وهي الموصوفة بحدة النظر . وعنز : اسم رجل ، وكذلك عناز ، وعنيزة اسم امرأة تصغير عنزة . وعنزة وعنيزة : قبيلة . قال الأزهري : عنيزة في البادية موضع معروف ، وعنيزة قبيلة . قال الأزهري : وقبيلة من العرب ينسب إليهم فيقال : فلان العنزي ، والقبيلة اسمها عنزة . وعنزة : أبو حي من ربيعة ، وهو عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار ؛ وأما قول الشاعر :

                                                          دلفت له بصدر العنز لما تحامته الفوارس والرجال فهو اسم فرس ؛ والعنز في قول الشاعر :


                                                          إذا ما العنز من ملق تدلت

                                                          هي العقاب الأنثى . وعنيزة : موضع ؛ وبه فسر بعضهم قول امرئ القيس :


                                                          ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة

                                                          وعنازة : اسم ماء ؛ قال الأخطل :

                                                          رعى عنازة حتى صر جندبها وذعذع المال يوم تالع يقر

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية