الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في حوز الهبة للطفل والكبير قلت : أرأيت الطفل الصغير إذا كان له ولد وأوصى ، فوهب له رجل هبة بتلها له وجعلها على يدي رجل من الناس ، أيكون هذا حوزا للصبي ووالده حاضر أو وصيه ؟ قال : نعم . ، أراه حوزا له إذا كان إنما وضعه له إلى أن يبلغ وترضى حاله وأشهد له بذلك . ويدفع ذلك إليه إذا بلغ . قلت : فما فرق ما بين الصغير إذا كان له والد وبين الكبير إذا وهبت له الهبة وجعلها الواهب على يدي هذا الرجل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : خوفا من أن يأكلها الوالد أو يفسدها ، فيجوز ذلك إلى أن يبلغ الصغير فيقبضها . وأما الكبير المرضي فعلى أي وجه حازها هذا له أو إلى أي أجل يدفع إليه إلا أن يكون على وجه الحبس يجري عليها غلتها ، فهذا فرق ما بينهما . قال : ولقد سألت مالكا عن الرجل يهب الهبة على أن لا يبيع ولا يهب ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لا تجوز هذه الهبة . قال : فقلت لمالك : فالأب في ابنه إذا اشترط هذا الشرط ؟

                                                                                                                                                                                      قال مالك : لا يجوز إلا أن يكون صغيرا أو سفيها ، فيشترط ذلك عليه ما دام الولد في تلك الحال . فأما أن يشترط عليه أن لا يبيع ولا يهب إن كبر ، أو اشترط على السفيه أن لا يبيع وإن حسنت حاله ، فإن ذلك لا يجوز وإنما يجوز شرطه إذا اشترطه ما دام سفيها أو صغيرا .

                                                                                                                                                                                      سحنون .

                                                                                                                                                                                      قال : وأخبرني ابن وهب عمن حدثه عن ابن عمر أنه سئل عن الرجل يهب الهبة للرجل على أن لا يبيعها ولا يهبها ، فكره ابن عمر ذلك .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : وأخبرني أن الليث كرهها أيضا مع مالك ، إلا أن مالكا فسر لي التفسير الذي فسرت لك . فهذا يدلك على أن الهبة للكبير إذا جعلها على يدي غيره وهو مرضي ولم يحبسها عنه لسوء حاله ولا لغلة أجراها عليه وحبس الأصل . فهذا يدلك على أن حوز هذا الذي جعلت على يديه ليس بحوز له . وقال سحنون وقد قال : كثير من أصحاب مالك وقال : ألا ترى أن الصغير والسفيه لهما وقت يقبضان الهبة ، وهو البلوغ في الصغير مع حسن الحال ، وحسن الحال في السفيه . وإنما يراد من الصدقة أن تخرج من يد المعطي إلى غيره ، فيكون الذي صارت إليه قابضا لها كما تقبض الحبس ، يقبض على من لم يأت ممن هو آت ، وأن هذا الرجل البالغ الذي قد أعطى عطية تكون له مالا [ ص: 407 ] تراثا ، منع من قبضها لغير شيء عقد فيها مما مثله يعقد في الصدقات يدل على أنه لم يرد أن يبتلها له ويعطيه إياها .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية