الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل وينحرف الإمام إلى المأموم جهة قصده ، وإلا فعن يمينه ، فإن مكث كثيرا وعنه قليلا وليس ثم نساء ولا حاجة كره ، فينصرف المأموم إذن ، وإلا استحب ألا ينصرف قبله ، ويستغفر ثلاثا ، ويذكر بعدهما كما ورد عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار أن يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام } وعن ثوبان : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم استغفر ثلاثا ، ويقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام } .

                                                                                                          وعن عبد الله بن الزبير { أنه كان يقول في دبر كل صلاة حين يسلم : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، [ ص: 449 ] وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل ، وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة } رواهن مسلم .

                                                                                                          { وعن ابن عباس أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة ، كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم } .

                                                                                                          وفي رواية { ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير } .

                                                                                                          وعن المغيرة بن شعبة أنه كتب إلى معاوية { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صلاة مكتوبة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، ثم وفدت على معاوية فوجدته يأمر الناس بذلك } متفق على ذلك ، وعن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة ثلاث وثلاثون تسبيحة ، وثلاث وثلاثون تحميدة ، وأربع وثلاثون تكبيرة } وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة { تسبحون ، وتحمدون ، وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين } وللبخاري في رواية { تسبحون في دبر كل صلاة عشرا ، وتحمدون عشرا وتكبرون عشرا } .

                                                                                                          ولمسلم أيضا " إحدى عشرة إحدى عشرة " وله أيضا { من سبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، وحمد الله ثلاثا وثلاثين ، وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون ، ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له [ ص: 450 ] له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر } .

                                                                                                          ولمسلم عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له { تسبح خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، وتكبر ثلاثا وثلاثين ، وتحمد ثلاثا وثلاثين } .

                                                                                                          وللترمذي والنسائي عن ابن عباس قال : { جاء الفقراء ، فقالوا يا رسول الله إن الأغنياء يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ولهم أموال يعتقون ويتصدقون ، ؟ ؟ قال : فإذا صليتم فقولوا سبحان الله ثلاثا وثلاثين مرة ، والحمد لله ثلاثا وثلاثين مرة ، والله أكبر أربعا وثلاثين مرة ، ولا إله إلا الله عشر مرات فإنكم تدركون من سبقكم ، ولا يسبقكم من بعدكم } وفي البخاري عن ابن عباس في قوله { وأدبار السجود } قال أمره أن يسبح في أدبار الصلاة كلها وعن زيد بن ثابت قال { أمرنا أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ، ونحمد ثلاثا وثلاثين ، ونكبر أربعا وثلاثين ، فأتى رجل من الأنصار في المنام فقيل له : أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا في دبر كل صلاة كذا وكذا ؟ ؟ قال الأنصاري : نعم ، قال فاجعلوها خمسا وعشرين ، خمسا وعشرين ، واجعلوا فيها للتهليل ، فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فافعلوا } إسناده جيد ، رواه أحمد والنسائي ، وعنده أمروا بدل أمرنا ولأحمد وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عبد الله بن عمر مرفوعا { خلتان وفي رواية خصلتان من حافظ عليهما أدخلتاه الجنة وهما يسير ، ومن يعمل بهما قليل قالوا وما هما يا رسول الله [ ص: 451 ] قال : أن تحمد الله وتكبره وتسبحه في دبر كل صلاة مكتوبة عشرا عشرا ، وإذا أويت إلى مضجعك تسبح الله وتكبره وتحمده مائة ، فتلك خمسون ومائتان باللسان ، وألفان وخمسمائة في الميزان فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة ؟ ؟ قالوا : كيف من يعمل بهما قليل ؟ قال : يجيء أحدكم الشيطان في صلاته فيذكره حاجة كذا وكذا ، فلا يقولها ، ويأتيه عند منامه فينومه فلا يقولها قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن بيده } ، وذكر في المذهب والمستوعب وغيرهما أنه يسبح ثلاثا وثلاثين ، ويحمد كذلك ، ويكبر أربعا وثلاثين قال ويقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو على كل شيء قدير .

                                                                                                          وفي المستوعب وغيره وهو حي لا يموت ، بيده الخير كذا قالوا ، واتباع السنة أولى وعن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم ، وعن أبي ذر مرفوعا { من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثاني رجليه قبل أن يتكلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، وكان يومه ذلك في حرز من كل مكروه ، وحرس من الشيطان ، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله } رواه الترمذي .

                                                                                                          وقال حسن صحيح .

                                                                                                          وقال في المذهب وغيره : يستحب هذا في الفجر فقط ، بناء على ما رواه من الخبر ( وشهر ) متكلم فيه جدا واختلف عنه ، فروي كما سبق ، ورواه النسائي في اليوم والليلة كذلك ورواه أيضا عن عبد الرحمن بن غنم عن [ ص: 452 ] معاذ مرفوعا ورواه أحمد عنه عن عبد الرحمن بن غنم مرفوعا ، وقال فيه { صلاة المغرب والصبح } ولهذا مناسبة ويكون الشارع شرعه أول النهار ، وأول الليل ، لتحرس به من الشيطان فيهما ، وله شاهد يأتي وعبد الرحمن مختلف في صحبته ويتوجه أن قوله قبل أن يتكلم أي بالكلام الذي كان ممنوعا منه في الصلاة ، أو يكون المراد قبل أن يتكلم مع غيره كما يأتي في التعوذ من النار ، قال في المستوعب وغيره : ويقرأ آية الكرسي ، ولم يذكره جماعة وظاهر الأول ولو جهرا ، ولعله غير مراد لعدم نقله ، واختار شيخنا سرا ، لخبر محمد بن حمير عن محمد بن زياد عن أبي أمامة { من قرأ آية الكرسي وقل هو الله أحد دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت } إسناده جيد ، وقد تكلم فيه ، ورواه الطبراني وابن حبان في صحيحه وكذا صححه صاحب المختارة من أصحابنا ، قال بعضهم : ويقرأ المعوذتين ، وهو متجه ، ولم يذكره الأكثر ، وزاد بعضهم { قل هو الله أحد } وعن عقبة بن عامر قال : { أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة } له طرق ، وهو حديث حسن وصحيح ، رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي ، وقال غريب ، قال بعض أصحابنا وفي هذا سر عظيم في دفع الشر من الصلاة إلى الصلاة وللنسائي عنه مرفوعا { ما سأل سائل بمثلهما ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما } حديث حسن وعنه مرفوعا { يا عقبة تعوذ بهما ، فما تعوذ متعوذ بمثلهما } حديث حسن مختصر لأبي داود ، من رواية أبي إسحاق .

                                                                                                          ، وعن أبي سعيد { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان وعين [ ص: 453 ] الإنسان ، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما } رواه النسائي وابن ماجه والترمذي وقال حسن غريب ، وعن عبد الرحمن بن حسان عن مسلم بن الحارث التميمي عن أبيه ، وقيل الحارث بن مسلم عن أبيه ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إليه فقال : إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل : اللهم أجرني من النار سبع مرات } وفي رواية { قبل أن تكلم أحدا ، فإنك إذا قلت ذلك ثم مت في ليلتك كتب لك جوار منها ، وإذا صليت الصبح فقل مثل ذلك فإنك إذا مت من يومك كتب لك جوار منها قال الحارث أسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نخص بها إخواننا } رواه أبو داود وعبد الرحمن تفرد عن هذا الرجل ، فلهذا قال الدارقطني لا يعرف ، وكذا رواه أحمد .

                                                                                                          وفي لفظ { قبل أن تكلم أحدا من الناس } وعن عمارة بن شبيب مرفوعا : { من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات على إثر المغرب بعث الله له مسلحة يحفظونه حتى يصبح ، وكتب له عشر حسنات موجبات ، ومحا عنه عشر سيئات موبقات ، وكانت له بعدل عشر رقاب مؤمنات } رواه الترمذي وقال غريب ورواه النسائي في اليوم والليلة ، ورواه أيضا فقال عمارة بن شبيب إن رجلا من الأنصار حدثه فذكر نحوه ، وإسنادهما جيد ، وقيل ابن شبيب لا صحبة له ، وتفرد عنه أبو عبد الرحمن الجبلي ، ويتوجه أن هذا ليس بدون خبر أبي ذر ، ويتوجه له ، حيث ذكر العدد في ذلك فإنما قصد أن لا ينقص منه ، أما الزيادة فلا تضر ، لا سيما عند غير قصد ، لأن الذكر [ ص: 454 ] مشروع في الجملة ، فهو يشبه المقدر في الزكاة إذ زادا عليه . ويفرغ من عدد التسبيح والتحميد والتكبير معا ، لقول أبي صالح السمان راوي الخبر عن أبي هريرة في الصحيحين ، وعنه يخير بينه ، وبين إفراد كل جملة ، واختار القاضي الإفراد لما سبق ، ويعقده والاستغفار بيده ، نص عليه .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية