الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم المكيال مكيال المدينة

                                                                      3340 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن دكين حدثنا سفيان عن حنظلة عن طاوس عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة قال أبو داود وكذا رواه الفريابي وأبو أحمد عن سفيان وافقهما في المتن و قال أبو أحمد عن ابن عباس مكان ابن عمر ورواه الوليد بن مسلم عن حنظلة قال وزن المدينة ومكيال مكة قال أبو داود واختلف في المتن في حديث مالك بن دينار عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( ابن دكين ) مصغر هو فضل بن دكين ثقة حافظ ( أخبرنا سفيان ) هو الثوري ( عن حنظلة ) بن أبي سفيان الجمحي ( الوزن ) أي المعتبر ( وزن أهل مكة ) لأنهم أهل تجارات ، فعهدهم بالموازين وعلمهم بالأوزان أكثر . كذا قاله القاضي ( والمكيال ) المعتبر ( مكيال أهل المدينة ) لأنهم أصحاب زراعات فهم أعلم بأحوال المكاييل . وفي شرح [ ص: 147 ] السنة : الحديث فيما يتعلق بالكيل والوزن من حقوق الله تعالى كالزكوات والكفارات ونحوها حتى لا تجب الزكاة في الدراهم حتى تبلغ مائتي درهم بوزن مكة ، والصاع في صدقة الفطر صاع أهل المدينة كل صاع خمسة أرطال وثلث رطل . كذا في المرقاة . وقال السندي في حاشية النسائي : قوله المكيال على مكيال أهل المدينة أي الصاع الذي يتعلق به وجوب الكفارات ويجب إخراج صدقة الفطر به صاع المدينة وكانت الصيعان مختلفة في البلاد ، والمراد بالوزن وزن الذهب والفضة فقط أي الوزن المعتبر في باب الزكاة وزن أهل مكة وهي الدراهم التي العشرة منها بسبعة مثاقيل وكانت الدراهم مختلفة الأوزان في البلاد وكانت دراهم أهل مكة هي الدراهم المعتبرة في باب الزكاة ، فأرشد صلى الله عليه وسلم إلى ذلك لهذا الكلام ، كما أرشد إلى بيان الصاع المعتبر في باب الكفارات وصدقة الفطر انتهى . وفي نيل الأوطار : والحديث فيه دليل على أنه يرجع عند الاختلاف في الكيل إلى مكيال المدينة ، وعند الاختلاف في الوزن إلى ميزان مكة .

                                                                      أما مقدار ميزان مكة فقال ابن حزم : بحثت غاية البحث عن كل من وثقت بتمييزه فوجدت كلا يقول : إن دينار الذهب بمكة وزنه اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة بالحب من الشعير ، والدرهم سبعة أعشار المثقال ، فوزن الدرهم سبع وخمسون حبة وستة أعشار حبة وعشر عشر حبة ، فالرطل مائة وثمانية وعشرون درهما بالدرهم المذكور انتهى .

                                                                      قال المنذري : والحديث أخرجه النسائي . وفي رواية لأبي داود عن ابن عباس مكان ابن عمر ، وفي رواية وزن المدينة ومكيال مكة انتهى .

                                                                      قلت : حديث طاوس عن ابن عمر سكت عنه المؤلف والمنذري وأخرجه أيضا البزار وصححه ابن حبان والدارقطني .

                                                                      ( وكذا رواه الفريابي ) بكسر الفاء منسوب إلى فرياب مدينة ببلاد الترك كذا في جامع الأصول ، هو محمد بن يوسف ثقة فاضل عابد من أجلة أصحاب الثوري ( وأبو أحمد ) الزبيري الكوفي ثقة ( وافقهما ) أي وافق فضل بن دكين في هذا المتن الفريابي وأبا أحمد [ ص: 148 ] الزبيري ( وقال أبو أحمد عن ابن عباس ) والمعنى أي رواه فضل بن دكين عن سفيان الثوري بلفظ " الوزن وزن أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة " وهكذا رواه محمد بن يوسف الفريابي وأبو أحمد الزبيري عن الثوري ، فهؤلاء الثلاثة اتفقوا في روايتهم عن الثوري على هذا اللفظ .

                                                                      أما أبو أحمد الزبيري فجعله من مسندات ابن عباس ، وأما فضل بن دكين والفريابي فجعلاه من مسندات ابن عمر .

                                                                      قلت : وكذا جعله أبو نعيم عن الثوري من حديث ابن عمر وروايته عند النسائي . قال المحدثون : طريق سفيان الثوري عن حنظلة عن طاوس عن ابن عمر هي أصح الروايات .

                                                                      وروى الدارقطني من طريق أبي أحمد الزبيري عن سفيان عن حنظلة عن طاوس عن ابن عباس ، ورواه من طريق أبي نعيم عن الثوري عن حنظلة عن سالم بدل طاوس عن ابن عباس . قال الدارقطني : أخطأ أبو أحمد فيه ( ورواه الوليد بن مسلم ) الدمشقي ثقة لكنه كثير التدليس ( فقال وزن المدينة ومكيال مكة ) وهذا المتن مخالف لمتن سفيان ، ورجح المحدثون رواية سفيان في هذا ( واختلف ) بصيغة المجهول ( في المتن ) المروي ( في حديث مالك بن دينار عن عطاء ) مرسلا ( عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا ) الباب أي اختلف الرواة على مالك بن دينار في هذا الحديث المرسل في متنه ، فروى بعضهم عن مالك بن دينار كما رواه سفيان عن حنظلة ورواه بعضهم عن مالك بن دينار كما رواه الوليد بن مسلم عن حنظلة والله أعلم .




                                                                      الخدمات العلمية