الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب إجارة الفسطاط

( قال رحمه الله وإذا استأجر فسطاطا يخرج به إلى مكة ذاهبا وجائيا ويحج ويخرج من الكوفة في هلال ذي القعدة فهو جائز ) ; لأنه استأجر عينا منتفعا به وهو معتاد استئجاره والفسطاط من المساكن فاستئجاره كاستئجار البيت ، وكذلك الخيمة والكنيسة والرواق والسرادق والمحمل والجرب والجوالق والحبال والقرب والبسط فذلك كله منتفع به معتاد استئجاره فإن تكارى شيئا من ذلك ليخرج به إلى مكة ذاهبا وجائيا ولم يسم متى يخرج به فهو فاسد في القياس ; لأن وجوب التسليم إليه حين يخرج به إذا لم يكن معلوما فربما تتمكن بينهما منازعة فيه والناس يتفاوتون فيه بالخروج إلى مكة فمن بين مستعجل ومؤخر ، ولكنه استحسن فقال وقت الخروج للحج من الكوفة معلوم بالعرف .

والمتعارف كالمشروط ، وهذا ; لأن المعتبر الوقت الذي تخرج فيه القافلة مع جماعة الناس ولا معتبر بالإقرار ، وذلك الوقت معلوم ، وإن تخرق الفسطاط من غير خلاف ولا عنف لم يضمن المستأجر ; لأن العين في يده أمانة فإن نقيضه يقرر حق صاحبه في الأجر وهو مأذون في استيفاء المنفعة على الوجه المعتاد فلا يكون ضامنا لما يتخرق منه إذا لم يجاوز ذلك ، وإن ذهب به ورجع فقال استغنيت عنه فلم أستعمله فالأجر واجب عليه ; لأنه تمكن من الانتفاع به ، وذلك يقوم مقام الانتفاع به في تقرر الأجر عليه ولو انقطعت أطنابه وانكسر عموده فلم يستطع نصبه لم يكن عليه أجر ; لأنه لم يكن متمكنا من الانتفاع به والأجر لا يلزمه بدونه فالقول فيه قول المستأجر مع يمينه ; لأنهما اتفقا أنه لم يتمكن من استيفاء جميع المعقود عليه .

وإن الصفقة قد تفرقت عليه فالقول قول المستأجر في مقدار ما استوفى ، وكذلك لو احترق فقال المستأجر لم أستعمله إلا يوما واحدا فالقول قوله ، وليس عليه الكراء إلا مقدار ذلك ; لأنه منكر للزيادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية