الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين آية : 88

                                          5739 - حدثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود ، ثنا شعبة ، عن عدي بن ثابت ، قال: سمعت عبد الله بن زيد الأنصاري، يحدث عن زيد يعني ابن ثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى أحد رجعت طائفة ممن كان معه، وكان [ ص: 1023 ] أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتان، فرقة تقول: نقتلهم، وفرقة تقول: لا، فنزلت هذه الآية: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا الآية كلها.

                                          والوجه الثاني:

                                          5740 - حدثنا علي بن الحسين ، ثنا أبو هارون الخزاز، ثنا يحيى بن أبي الخصيب، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم ، عن ابن سعد بن معاذ الأنصاري ، أن هذه الآية، أنزلت فينا: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: من لي بمن يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني. فقام سعد بن معاذ فقال: إن كان منا قتلناه يا رسول الله، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا فأطعناك، فقام سعد بن عبادة فقال: ما بك طاعة رسول الله يا ابن معاذ ، ولكن عرفت ما هو منك، فقام أسيد بن حضير فقال: يا ابن عبادة إنك منافق تحب المنافقين، فقام محمد بن مسلمة فقال: اسكتوا أيها الناس فإن فينا رسول الله فهو يأمر فينفذ لأمره، فأنزل الله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين .

                                          والوجه الثالث:

                                          5741 - أخبرنا محمد بن سعد العوفي ، فيما كتب إلي، حدثني أبي، حدثني عمي الحسين ، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله: فما لكم في المنافقين فئتين وذلك أن قوما كانوا بمكة قد تكلموا بالإسلام، وكانوا يظاهرون المشركين، فخرجوا من مكة يطلبون حاجة لهم، فقالوا: إن لقينا أصحاب محمد فليس علينا فيهم بأس، فإن المؤمنين لما أخبروا أنهم قد خرجوا من مكة، قالت فئة من المؤمنين: اركبوا إلى الخبثاء فاقتلوهم، فإنهم يظاهرون عليكم عدوهم، وقالت فئة أخرى من المؤمنين: سبحان الله، أو كما قالوا: تقتلون قوما قد تكلموا مثل ما تكلمتم به من أجل أنهم لم يهاجروا ويتركوا ديارهم تستحل أموالهم ودماؤهم، فكانوا كذلك فئتين والرسول عندهم لا ينهى واحدا من الفريقين عن شيء، فنزلت: فما لكم في المنافقين فئتين .

                                          [ ص: 1024 ] والوجه الرابع:

                                          5742 - ذكره أبي، ثنا الفضل بن سهل الأعرج ، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، ثنا أبي، عن الوليد بن كثير ، حدثني إسماعيل بن عبيد الله بن أبي سفيان ، أن ابن شهاب ، حدثه، أن أبا سلمة بن عبد الرحمن حدثه، أن نفرا من طوائف العرب هاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمكثوا معه ما شاء الله أن يمكثوا ثم ارتكسوا، فرجعوا إلى قومهم فلقوا سرية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفوهم فسألوهم ما ردكم؟ فاعتلوا لهم، فقال بعض القوم لهم: نافقتم، فلم يزل بعض ذلك حتى فشا فيهم القول فنزلت هذه الآية: فما لكم في المنافقين فئتين وروي عن الزهري ، والسدي نحو ذلك.

                                          والوجه الخامس:

                                          5743 - حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا أبو أسامة ، أخبرني عمران بن حدير، عن عكرمة : فما لكم في المنافقين فئتين قال: أخذ أناس من المسلمين أموالا من المشركين فانطلقوا بها، فاختلف المسلمون فيهم، فقالت: طائفة: لو لقيناهم قتلناهم وأخذنا ما في أيديهم، وقال بعض: لا يصلح لكم ذلك إخوانكم انطلقوا تجارا، فنزلت هذه الآية.

                                          والوجه السادس:

                                          5744 - حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: فما لكم في المنافقين فئتين قوم خرجوا من مكة حتى جاءوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون، ثم ارتدوا بعد ذلك، فاستأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليأتوا ببضائع يتجرون فيها، فاختلف فيهم المؤمنون، فقائل يقول: منافقون، وقائل يقول: هم مؤمنون، فبين الله نفاقهم، فأمر بقتلهم فجاءوا ببضائع يريدون هلال بن عويمر الأسلمي، وبينه وبين محمد حلف، فدفع عنهم بأنهم يؤمون هلالا وبينه وبين محمد عهد.

                                          [ ص: 1025 ] قوله تعالى: والله أركسهم بما كسبوا

                                          5745 - حدثنا أبي، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : والله أركسهم بما كسبوا يقول: أوقعهم.

                                          والوجه الثاني:

                                          5746 - حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله: والله أركسهم بما كسبوا يقول: أضلهم بما كسبوا.

                                          والوجه الثالث:

                                          5747 - أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد، قراءة، أخبرني محمد بن شعيب ، أخبرني عثمان بن عطاء ، عن أبيه عطاء قوله: أركسهم بما كسبوا فيقال: ردهم بما كسبوا.

                                          قوله تعالى: أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا

                                          5748 - قرئ على يونس بن عبد الأعلى ، أنبأ ابن وهب ، أخبرني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: كيف ترون في الرجل يخاذل بين أصحاب رسول الله، ويسئ القول لأهل رسول الله، وقد برأها الله، ثم قرأ ما أنزل الله عز وجل في براءة عائشة رضي الله عنها في حديث، فنزل القرآن في ذلك: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا فلم يكن بعد هذه الآية ينطق ولا يتكلم فيه أحد.

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية