الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6642 ) مسألة : قال : ( ومن كان بينهما في النفس قصاص ، فهو بينهما في الجراح ) وجملته أن كل شخصين جرى بينهما القصاص في النفس ، جرى القصاص بينهما في الأطراف ، فيقطع الحر المسلم بالحر المسلم ، والعبد بالعبد ، والذمي بالذمي ، والذكر بالأنثى ، والأنثى بالذكر ، ويقطع الناقص بالكامل ، كالعبد بالحر ، والكافر بالمسلم .

                                                                                                                                            ومن لا يقتل بقتله ، لا يقطع طرفه بطرفه ، فلا يقطع مسلم بكافر ، ولا حر بعبد ، ولا والد بولد . وبهذا قال مالك ، والثوري ، والشافعي ، وأبو ثور ، وإسحاق ، وابن المنذر . وقال أبو حنيفة : لا قصاص في الطرف بين مختلفي البدل ، فلا يقطع الكامل بالناقص ، ولا الناقص بالكامل ، ولا الرجل بالمرأة ، ولا المرأة بالرجل ، ولا الحر بالعبد ، ولا العبد بالحر ، ويقطع المسلم بالكافر ، والكافر بالمسلم ; لأن التكافؤ معتبر في الأطراف ، بدليل أن الصحيحة لا تؤخذ بالشلاء ، ولا الكاملة بالناقصة ، فكذا لا يؤخذ طرف الرجل بطرف المرأة ، ولا يؤخذ طرفها بطرفه ، كما لا تؤخذ اليسرى باليمنى .

                                                                                                                                            ولنا ، أن من جرى بينهما القصاص في النفس ، جرى ، في الطرف ، كالحرين ، وما ذكروه يبطل بالقصاص في النفس ، فإن التكافؤ معتبر ، بدليل أن المسلم لا يقتل بمستأمن ، ثم يلزمه أن يأخذ الناقصة بالكاملة ; لأن المماثلة قد وجدت وزيادة ، فوجب أخذها بها إذا رضي المستحق ، كما تؤخذ ناقصة الأصابع بكاملة الأصابع ، وأما اليسار واليمين ، فيجريان مجرى النفس ، لاختلاف محليهما ; ولهذا استوى بدلهما ، فعلم أنها ليست ناقصة عنها شرعا ، ولا العلة فيهما ذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية