الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وما اتخذ من أموال الربا كالدقيق والخبز والعصير والدهن تعتبر بأصولها فإن كانت الأصول أجناسا فهي أجناس وإن كانت الأصول جنسا واحدا فهي جنس واحد ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) لما أفهم كلام المصنف فيما تقدم أن الاتفاق في الاسم قد يكون من أصل الخلقة ، وقد لا يكون ، احتاج أن يبين حكم القسم الثاني وهو على قسمين ( أحدهما ) ما يكون متحدا في أموال الربا كالدقيق والدهن ( والثاني ) ما ليس كذلك ، كاللحوم والألبان ، وسيأتي .

                                      ( أما ) القسم الأول كالأدقة والأخباز والأدهان والعصير والخلول ، فقد ذكر الشافعي رضي الله عنه والأصحاب أنه يعتبر بأصولها ، فإن كانت ، أصولها أجناسا فهي أجناس ، وذلك لأنها مختلفة في أنفسها ، واشتراكها في اسم عام وهو الدقيق أو الدهن مثلا ، لا يوجب اتحادها ، كما يشترك البر والشعير في الحب ، وليسا متحدين في الجنس ، وغايته أن العرب لم تضع لكل من الأدقة اسما يخصه بل اكتفت فيه بالاسم العام المتميز بالإضافة إلى ما يخرج منه ، وذلك لا يوجب الاتحاد في الجنس ، وكونها مختلفة الحقائق ناشئ من أجناس توجب الاختلاف فاعتبرت بأصولها كذلك قال الشافعي - رحمه الله - لما تكلم في الأدهان وقال : ( فإن قال قائل : قد يجمعها اسم الدهن ، قيل : وكذلك يجمع الحنطة والأذرة والأرز اسم الحب ، وليس للأدهان اسم موضوع عند العرب إنما سميت معان لأنها تنسب إلى ما يكون ) يشير الشافعي بذلك إلى ما قلته ومن هذا الكلام استفدته ، وهو أسهل في التقرير من أن يسلم اتفاقا في الاسم [ ص: 166 ] الخاص ، ثم يدعي اختلافهما لاختلاف أصولهما ، وقد صرح القاضي أبو الطيب أنهما مشتركان في الاسم الخاص ، والأمر في ذلك قريب ، وقد وضعوا لبعض الأدهان اسما بخصوصه ، كالشيرج والزيت فصار اختلافهما لأمرين اختلاف اسمهما الخاص ، واختلاف أصلهما ، وبهذا يزول اعتراض من يقول : إنه إذا كان المعتبر الاسم فالأدقة والأدهان واللحوم والألبان كل منها متحدة الاسم ، فهذه كانت جنسا واحدا وسنذكر في كل من الأدقة والأدهان والخلول خلافا ضعيفا ، وكذلك في العصير ، والمعتمد ما يقتضيه هذا الأصل الممهد والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية