الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      ما لا يقسم الرجل عليه زكاة ماله من أقاربه قلت : أرأيت زكاة مالي من لا ينبغي لي أن أعطيها إياه في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لا تعطها أحدا من أقاربك ممن تلزمك نفقته .

                                                                                                                                                                                      قال : فقلت له : فمن لا تلزمني نفقته من ذوي قرابتي وهو محتاج إليها ؟ فقال : ما يعجبني أن يلي ذلك هو بالدفع إليهم ، وما يعجبني لأحد أن يلي قسم صدقته لأن المحمدة تدخل فيه والثناء ، وعمل السر أفضل والذي أرى : أن ينظر إلى رجل ممن يثق به فيدفع ذلك إليه فيقسمه له ، فإن رأى ذلك الرجل الذي من قرابته الذي لا يلزمه نفقته هو أهل لها أعطاه كما يعطي غيره من غير أن يأمره بشيء من ذلك ، ولكن يكون الرجل الذي دفع إليه ليفرق هو الناظر في ذلك على وجه الاجتهاد .

                                                                                                                                                                                      قلت : فمن تلزمني نفقته في قول مالك ؟ فقال : الولد ولد الصلب دنية تلزمه نفقتهم الذكور حتى يحتلموا فإذا احتلموا تلزمه نفقتهم ، والنساء حتى يتزوجن ويدخل بهن أزواجهن فإذا دخل بهن أزواجهن فلا نفقة لهن عليه ، فإن طلقها بعد البناء أو مات عنها فلا نفقة لها على أبيها ؟

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن هو طلقها قبل البناء بها ؟ فقال : هي على نفقتها . ألا ترى أن النفقة واجبة على الأب حتى يدخل بها ، لأن نكاحها في يد الأب ما لم يدخل بها زوجها .

                                                                                                                                                                                      قلت : فولد الولد ؟ فقال : لا نفقة لهم على جدهم ، وكذلك لا [ ص: 345 ] يلزمهم النفقة على جدهم ولا يلزم المرأة النفقة على ولدها ، وإنما يلزم الأب وحده النفقة على ولده وإن لم يكن لوالدها مال وهي موسرة لم تلزم النفقة على ولدها ويلزمها النفقة على أبويها ، وإن كانت ذات زوج وإن كره ذلك زوجها كذلك قال مالك .

                                                                                                                                                                                      قال والزوج تلزمه نفقة امرأته وخادم واحدة لامرأته ولا يلزمه من نفقة خدمها أكثر من نفقة خادم واحدة ، ولا يلزمه نفقة أخ ولا ذوي قرابة ولا ذي رحم محرم منه .

                                                                                                                                                                                      قلت : فالذين لا يجوز له أن يعطيهم من زكاة ماله ، هم هؤلاء الذين ذكرت الذين تلزمه نفقتهم ؟ فقال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : ومن وراء هؤلاء من قرابته فهم في زكاته والأجنبيون سواء ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم على ما فسرت لك ، إذا رأى الذي دفع إليه زكاته أن يعطيهم أعطاهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أتعطي المرأة زوجها من زكاتها ؟ فقال : لا .

                                                                                                                                                                                      قلت : أتحفظه عن مالك ؟ قال : لا وهذا أبين من أن أسأل مالكا عنه .

                                                                                                                                                                                      قال وقال مالك : لا يعطى أهل الذمة من الزكاة شيئا .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون ، وأما قول الله تعالى { وعلى الوارث مثل ذلك } فإن ذلك في الضرر على الوارث مثل ذلك أن لا يضار ، وقد قال ذلك ابن شهاب وقاله مالك .

                                                                                                                                                                                      قال أشهب : وقد كان ابن عباس وغيره من أهل العلم يرون أن إعطاء المرء قرابته من زكاته بوجه الصحة على وجه ما يعطي غيره من زكاة ماله مجزئ عنه . قال : وكان ابن المسيب وطاوس يكرهان ذلك ، وكان مالك أكثر شأنه فيه الكراهية .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية