الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6657 ) فصل : فأما إن كانت الزيادة في الاستيفاء من الطرف ، مثل أن استحق قطع إصبع ، فقطع اثنتين ، فحكمه حكم القاطع ابتداء ، إن كان عمدا من مفصل ، أو شجة يجب في مثلها القصاص ، فعليه القصاص في الزيادة ، وإن كان خطأ أو جرحا لا يوجب القصاص ، مثل من يستحق موضحة فاستوفها هاشمة ، فعليه أرش الزيادة ، إلا أن يكون ذلك بسبب من الجاني ، كاضطرابه حال الاستيفاء ، فلا شيء على المقتص ; لأنه حصل بفعل الجاني . فإن اختلفا هل فعله خطأ أو عمدا ؟ فالقول قول المقتص مع يمينه ; لأن هذا مما يمكن الخطأ فيه ، وهو أعلم بقصده ، وإن قال المقتص : حصل هذا باضطرابك ، أو فعل من جهتك . فالقول قول المقتص منه ; لأنه منكر .

                                                                                                                                            فإن سرى الاستيفاء الذي حصلت فيه الزيادة إلى نفس المقتص منه ، فمات ، أو إلى بعض أعضائه ، مثل أن قطع إصبعه ، فسرى إلى جميع يده ، أو اقتص منه بآلة كالة أو مسمومة ، أو في حال حر مفرط ، أو برد شديد ، فسرى ، فقال القاضي : على المقتص نصف الدية ; لأنه تلف بفعلين ; جائز ومحرم ، ومضمون وغير مضمون ، فانقسم الواجب عليهما نصفين ، كما لو جرحه جرحا في حال ردته وجرحا بعد إسلامه ، فمات منهما . وهذا كله مذهب الشافعي . ويحتمل أن يلزمه ضمان السراية كلها ، فيما إذا اقتص بآلة مسمومة أو كالة ; لأن الفعل كله محرم ، بخلاف قطع الإصبعين ، فإن أحدهما مباح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية