الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ عوذ ]

                                                          عوذ : عاذ به يعوذ عوذا وعياذا ومعاذا : لاذ به ولجأ إليه واعتصم . ومعاذ الله أي : عياذا بالله . قال الله - عز وجل : معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده أي : نعوذ بالله معاذا أن نأخذ غير الجاني بجنايته ، نصبه على المصدر الذي أريد به الفعل . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه تزوج امرأة من العرب فلما أدخلت عليه قالت : أعوذ بالله منك ، فقال : لقد عذت بمعاذ فالحقي بأهلك . والمعاذ في هذا الحديث : الذي يعاذ به . والمعاذ : المصدر والمكان والزمان أي : قد لجأت إلى ملجإ ولذت بملاذ . والله - عز وجل - معاذ من عاذ به وملجأ من لجأ إليه ، والملاذ مثل المعاذ ؛ وهو عياذي أي : ملجئي . وعذت بفلان واستعذت به أي : لجأت إليه . وقولهم : معاذ الله أي : أعوذ بالله معاذا ، بجعله بدلا من اللفظ بالفعل ؛ لأنه مصدر وإن كان غير مستعمل مثل سبحان . ويقال أيضا : معاذة الله ومعاذ وجه الله ومعاذة وجه الله ، وهو مثل المعنى والمعناة والمأتى والمأتاة . وأعذت غيري به وعوذته به بمعنى . قال سيبويه : وقالوا : عائذا بالله من شرها فوضعوا الاسم موضع المصدر ؛ قال عبد الله السهمي :


                                                          ألحق عذابك بالقوم الذين طغوا وعائذا بك أن يغلوا فيطغوني



                                                          قال الأزهري : يقال : اللهم عائذا بك من كل سوء أي : أعوذ بك عائذا . وفي الحديث : عائذ بالله من النار أي : أنا عائذ ومتعوذ كما يقال مستجير بالله ، فجعل الفاعل موضع المفعول ، كقولهم سر كاتم وماء دافق ؛ ومن رواه عائذا - بالنصب - جعل الفاعل موضع المصدر وهو العياذ . وطير عياذ وعوذ : عائذة بجبل وغيره مما يمنعها ؛ قال بخدج يهجو أبا نخيلة :


                                                          لاقى النخيلات حناذا محنذا     شرا وشلا للأعادي مشقذا
                                                          وقافيات عارمات شمذا     كالطير ينجون عياذا عوذا



                                                          كرر مبالغة فقال : عياذا عوذا ، وقد يكون عياذا هنا مصدرا ، وتعوذ بالله واستعاذ فأعاذه وعوذه ، وعوذ بالله منك أي : أعوذ بالله منك ؛ قال :


                                                          قالت وفيها حيذة وذعر     عوذ بربي منكم وحجر



                                                          قال : وتقول العرب للشيء ينكرونه والأمر يهابونه : حجرا أي : دفعا ، وهو استعاذة من الأمر . وما تركت فلانا إلا عوذا منه - بالتحريك - وعواذا منه أي : كراهة . ويقال : أفلت فلان من فلان عوذا إذا خوفه ولم يضربه أو ضربه وهو يريد قتله فلم يقتله . وقال الليث : يقال فلان عوذ لك أي : ملجأ . وفي الحديث : إنما قالها تعوذا أي : إنما أقر بالشهادة لاجئا إليها ومعتصما بها ليدفع عنه القتل وليس بمخلص في إسلامه . وفي حديث حذيفة : تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودا عودا ، بالدال اليابسة ، وقد تقدم ؛ قال ابن الأثير : وروي بالذال المعجمة ، كأنه استعاذ من الفتن . وفي التنزيل : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم معناه إذا أردت قراءة القرآن فقل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ووسوسته .

                                                          [ ص: 330 ] والعوذة والمعاذة والتعويذ : الرقية يرقى بها الإنسان من فزع أو جنون لأنه يعاذ بها . وقد عوذه ؛ يقال : عوذت فلانا بالله وأسمائه وبالمعوذتين إذا قلت أعيذك بالله وأسمائه من كل ذي شر وكل داء وحاسد وحين . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يعوذ نفسه بالمعوذتين بعدما طب . وكان يعوذ ابني ابنته البتول - عليهم السلام - بهما . والمعوذتان - بكسر الواو : سورة الفلق وتاليتها لأن مبدأ كل واحدة منهما قل أعوذ . وأما التعاويذ التي تكتب وتعلق على الإنسان من العين فقد نهي عن تعليقها ، وهي تسمى المعاذات أيضا ، يعوذ بها من علقت عليه من العين والفزع والجنون ، وهي العوذ واحدتها عوذة . والعوذ : ما عيذ به من شجر أو غيره . والعوذ من الكلإ : ما لم يرتفع إلى الأغصان ومنعه الشجر من أن يرعى ، من ذلك ، وقيل : هي أشياء تكون في غلظ لا ينالها ؛ المال ؛ قال الكميت :


                                                          خليلاي خلصاني لم يبق حبها     من القلب إلا عوذا سينالها



                                                          والعوذ والمعوذ من الشجر : ما نبت في أصل هدف أو شجرة أو حجر يستره لأنه كأنه يعوذ بها ؛ قال كثير بن عبد الرحمن الخزاعي يصف امرأة :


                                                          إذا خرجت من بيتها راق عينها     معوذه وأعجبتها العقائق



                                                          يعني أن هذه المرأة إذا خرجت من بيتها راقها معوذ النبت حوالي بيتها ، وقيل : المعوذ - بالكسر - كل نبت في أصل شجرة أو حجر أو شيء يعوذ به . وقال أبو حنيفة : العوذ السفير من الورق وإنما قيل له عوذ لأنه يعتصم بكل هذف ويلجأ إليه ويعوذ به . قال الأزهري : والعوذ ما دار به الشيء الذي يضربه الريح ، فهو يدور بالعوذ من حجر أو أرومة . وتعاوذ القوم في الحرب إذا تواكلوا وعاذ بعضهم ببعض . ومعوذ الفرس : موضع القلادة ، ودائرة المعوذ تستحب . قال أبو عبيد : من دوائر الخيل المعوذ وهي التي تكون في موضع القلادة يستحبونها . وفلان عوذ لبني فلان أي : ملجأ لهم يعوذون به . وقال الله - عز وجل : وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن قيل : إن أهل الجاهلية كانوا إذا نزلت رفقة منهم في واد قالت : نعوذ بعزيز هذا الوادي من مردة الجن وسفهائهم أي : نلوذ به ونستجير . والعوذ من اللحم : ما عاذ بالعظم ولزمه . قال ثعلب : قلت لأعرابي : ما طعم الخبز ؟ قال : أدمه . قال قلت : ما أطيب اللحم ؟ قال : عوذه . وناقة عائذ : عاذ بها ولدها ، فاعل بمعنى مفعول ؛ وقيل : هو على النسب . والعائذ : كل أنثى إذا وضعت مدة سبعة أيام لأن ولدها يعوذ بها ، والجمع عوذ بمنزلة النفساء من النساء ، وهي من الشاء ربى ، وجمعها رباب ، وهي من ذوات الحافر فريش . وقد عاذت عياذا وأعاذت ، وهي معيذ ، وأعوذت . والعائذ من الإبل : الحديثة النتاج إلى خمس عشرة أو نحوها ، من ذلك أيضا . وعاذت بولدها : أقامت معه وحدبت عليه ما دام صغيرا ، كأنه يريد عاذ بها ولدها فقلب ؛ واستعار الراعي أحد هذه الأشياء للوحش فقال :


                                                          بها بحقيل فالنميرة منزل     ترى الوحش عوذات به ومتاليا



                                                          كسر عائذا على عوذ ثم جمعه بالألف والتاء ؛ وقول مليح الهذلي :


                                                          وعاج لها جاراتها العيس فارعوت     عليها اعوجاج المعوذات المطافل



                                                          قال السكري : المعوذات التي معها أولادها . قال الأزهري : الناقة إذا وضعت ولدها فهي عائذ أياما ووقت بعضهم سبعة أيام ، وقيل : سميت الناقة عائذا لأن ولدها يعوذ بها ، فهي فاعل بمعنى مفعول ، وقال : إنما قيل لها عائذ لأنها ذات عوذ أي : عاذ بها ولدها عوذا . ومثله قوله - تعالى : خلق من ماء دافق أي : ذي دفق . والعوذ : الحديثات النتاج من الظباء والإبل والخيل ، واحدتها عائذ مثل حائل وحول . ويجمع أيضا على عوذان مثل راع ورعيان وحائر وحوران . ويقال : هي عائذ بينة العؤوذ إذا ولدت عشرة أيام أو خمسة عشر ثم هي مطفل بعد . يقال : هي في عياذها أي : بحدثان نتاجها . وفي حديث الحديبية : ومعهم العوذ المطافيل ؛ يريد النساء والصبيان . والعوذ في الأصل : جمع عائذ من هذا الذي تقدم . وفي حديث علي - رضوان الله عليه : فأقبلتم إلي إقبال العوذ المطافل . وعوذ الناس : رذالهم ؛ عن ابن الأعرابي : وبنو عيذ الله : حي ، وقيل : حي من اليمن . قال الجوهري : عيذ الله - بكسر الياء مشددة - اسم قبيلة . يقال : هو من بني عيذ الله ، ولا يقال عائذ الله . ويقال للجودي أيضا : عيذ . وعائذة : أبو حي من ضبة ، وهو عائذة بن مالك بن ضبة ؛ قال الشاعر :


                                                          متى تسأل الضبي عن شر قومه     يقل لك إن العائذي لئيم



                                                          وبنو عوذة : من الأسد وبنو عوذى - مقصور : بطن ؛ قال الشاعر :


                                                          ساق الرفيدات من عوذى ومن عمم     والسبي من رهط ربعي وحجار



                                                          وعائذ الله : حي من اليمن . وعويذة : اسم امرأة ؛ عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


                                                          فإني وهجراني عويذة بعدما     تشعب أهواء الفؤاد الشواعب



                                                          وعاذ : قرية معروفة ، وقيل : ماء بنجران ؛ قال ابن أحمر :


                                                          عارضتهم بسؤال هل لكن خبر     من حج من أهل عاذ إن لي أربا



                                                          والعاذ : موضع . قال أبو المورق :


                                                          تركت العاذ مقليا ذميما     إلى سرف وأجددت الذهابا



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية