الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      البهاء

                                                                                      الشيخ الإمام العالم المفتي المحدث بهاء الدين أبو محمد عبد الرحمن [ ص: 270 ] بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور المقدسي الحنبلي شارح " المقنع " ، وابن عم الحافظ الضياء والشمس أحمد والد الفخر بن البخاري .

                                                                                      ولد بقرية الساويا - وكان أبوه يؤم بها - في سنة خمس وخمسين وخمسمائة أو في سنة ست .

                                                                                      هاجر به أبوه من حكم الفرنج ، فسافر تاجرا إلى مصر - أعني الأب - ثم ماتت الأم فكفلته عمته فاطمة زوجة الشيخ أبي عمر ، وختم القرآن سنة سبعين ، وتنبه بالحافظ عبد الغني ، ثم ارتحل في سنة اثنتين وسبعين في صحبة الشيخ العماد فسمع بحران من أحمد بن أبي الوفاء ، وجرد بها الختمة ، وصلى التراويح ، فجمعوا له فطرة واشتروا له بهيمة وسار إلى بغداد ، وقد سبقه العماد ومعه ابن راجح وعبد الله بن عمر بن أبي بكر . وسمع بالموصل من خطيبها ، فسمع ببغداد من شهدة الكاتبة كثيرا ، ومن عبد الحق وأبي هاشم الدوشابي ، ومحمد بن نسيم ، وأحمد بن الناعم ، وأبي الفتح بن شاتيل ، وعبد المحسن بن تريك وطبقتهم ، ونسخ الأجزاء ، وحصل ، وسمع بدمشق من محمد بن بركة الصلحي ، وعبد الرحمن بن أبي العجائز ، والقاضي كمال الدين الشهرزوري وجماعة ، وروى الكثير بدمشق وبنابلس وبعلبك ، وكان بصيرا بالمذهب . [ ص: 271 ] قال الضياء : كان فقيها إماما مناظرا ، اشتغل على ابن المني ، وسمع الكثير ، وكتبه ، وأقام سنين بنابلس بعد الفتوح بجامعها الغربي ، وانتفع به خلق ، وكان سمحا كريما جوادا حسن الأخلاق متواضعا ، رجع إلى دمشق قبل وفاته بيسير ، واجتهد في كتابة الحديث وتسميعه ، وشرح كتاب " المقنع " وكتاب " العمدة " لشيخنا موفق الدين ووقف مسموعاته .

                                                                                      وقال الحاجب : كان مليح المنظر ، مطرحا للتكلف ، كثير الفائدة ، قوالا بالحق ، ذا دين وخير ، لا يخاف في الله لومة لائم ، راغبا في الحديث ، كان ينزل من الجبل قاصدا لمن يسمع عليه ، وربما أطعم غداءه لمن يقرأ عليه ، وانقطع بموته حديث كثير - يعني من دمشق . ومات في سابع ذي الحجة سنة أربع وعشرين وستمائة .

                                                                                      قلت : روى عنه البرزالي ، والضياء ، وابن المجد ، والشرف بن النابلسي ، والجمال بن الصابوني ، والشمس بن الكمال ، والتاج عبد الخالق ، ومحمد بن بلغزا ، وداود بن محفوظ ، وعبد الكريم بن زيد ، والعز بن الفراء ، والعز بن العماد ، والعماد عبد الحافظ والتقي ابن مؤمن ، وست الأهل بنت الناصح ، وإسحاق بن سلطان ، وأبو جعفر بن الموازيني ، وآخرون . وقد سقت من تفاصيل أحواله في " تاريخ الإسلام " . وأقدم شيء سمعه بدمشق في سنة سبع وستين وخمسمائة من عبد الله بن عبد الواحد الكناني ، سمعت الكثير على أصحابه .

                                                                                      وفيها مات القدوة أبو أحمد جعفر بن عبد الله بن سيد بونه الخزاعي صاحب ابن هذيل ، وداود بن الفاخر ، وطاغية التتار جنكزخان ، وقاضي [ ص: 272 ] حران ، وأبو بكر عبد الله بن نصر الحنبلي ، وعبد البر بن أبي العلاء الهمذاني ، وعبد الجبار بن الحرستاني ، وأبو بكر عبد العزيز بن علي السماتي والحجة عبد المحسن بن أبي العميد الخفيفي ، والمعظم عيسى بن العادل ، والمسند الفتح بن عبد السلام ، وأبو هريرة محمد بن الليث الوسطاني .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية