الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله تعالى: وما كان .

                                          5779 - حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: وما كان لمؤمن يعني: ما ينبغي لمؤمن وروي عن مقاتل بن حيان نحو ذلك.

                                          [ ص: 1031 ] قوله تعالى: لمؤمن

                                          5780 - حدثنا هارون بن إسحاق، ثنا مطلب بن زياد ، عن السدي ، قوله: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ قال: المؤمن لا يقتل مؤمنا.

                                          قوله تعالى: أن يقتل مؤمنا إلا خطأ

                                          5781 - حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ عياش بن أبي ربيعة، قتل رجلا مؤمنا كان يعذبه هو وأبو جهل وهو أخوه لأمه في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وعياش يحسب أن ذاك الرجل كافر كما هو، وكان عياش هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا، جاءه أخوه أبو جهل وهو أخوه لأمه، فقال: إن أمك تناشدك رحمها وحقها أن ترجع إليها، وهي أسماء بنت مخرمة، فأقبل معه فربطه أبو جهل، حتى قدم به مكة ، فلما رآه الكفار زادهم كفرا وافتتانا، فقالوا: إن أبا جهل ليقدر من محمد على ما يشاء ويأخذ أصحابه.

                                          5782 - حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ وذلك أن عياش بن أبي ربيعة المخزومي وكان حلف على الحارث بن يزيد مولى بني عامر بن لؤي ليقتلنه وكان الحارث يومئذ مشركا، وأسلم الحارث ولم يعلم به عياش فلقيه بالمدينة فقتله، وكان قتله ذلك خطأ وروي عن السدي نحو ذلك.

                                          قوله تعالى: ومن قتل مؤمنا خطأ

                                          5783 - حدثنا علي بن الحسين ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا جرير ، عن المغيرة ، عن إبراهيم يعني في قوله: ومن قتل مؤمنا خطأ قال: إذا قتل المسلم فهذا له ولورثته المسلمين.

                                          قوله تعالى: فتحرير رقبة

                                          5784 - حدثنا سليمان بن داود، مولى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، ثنا سهل بن عثمان ، ثنا وكيع ، عن إسرائيل، عن جابر ، عن محمد بن علي، فتحرير رقبة مؤمنة قال: في الخطأ إذا أقرت ولم يعلم منها إلا خيرا.

                                          [ ص: 1032 ] قوله تعالى: مؤمنة

                                          5785 - حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، ثنا عبيد الله بن موسى ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن علي أي رقبة، وعندي أمة سوداء، فقال: ائتني بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهدين أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قالت: نعم قال: أعتقها.

                                          5786 - حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا ابن يمان، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، في قوله: فتحرير رقبة مؤمنة قال: ولدت على الإسلام.

                                          الوجه الثاني:

                                          5787 - حدثنا أبي، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: فتحرير رقبة مؤمنة يعني بالمؤمنة من قد عقل الإيمان وصام وصلى وروي عن سعيد بن جبير ، والحسن ، وإبراهيم، والحكم نحو ذلك.

                                          5788 - حدثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا ابن يمان، عن سفيان الثوري ، عن أبي حيان التيمي ، عن الشعبي ، فتحرير رقبة قال: قد صلت وروي عن مجاهد وعطاء وقتادة نحو ذلك.

                                          قوله تعالى: ودية

                                          5789 - حدثنا أبي، ثنا أبو صالح ، حدثني الليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن قول الله تعالى: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله فقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضها مائة من الإبل.

                                          قوله تعالى: مسلمة

                                          5790 - حدثنا علي بن الحسين ، ثنا جعفر بن مسافر، ثنا علي بن عاصم ، ثنا سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، في قوله: فدية مسلمة قال: المسلمة: التامة.

                                          [ ص: 1033 ] 5791 حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير : ودية مسلمة إلى أهله يعني: تسلمها عاقلة القاتل.

                                          قوله تعالى: إلى أهله

                                          5792 - وبه عن سعيد بن جبير ، في قول الله تعالى: إلى أهله إلى أولياء المقتول وروي عن إبراهيم النخعي ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان أنهم قالوا: إلى ورثة المقتول.

                                          قوله تعالى: إلا أن يصدقوا

                                          5793 - حدثنا أبي، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس يعني قوله: إلا أن يصدقوا إلا أن يتصدق بها عليه.

                                          5794- حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء ، عن سعيد بن جبير ، قال: ثم استثنى، ثم قال: إلا أن يصدقوا يعني إلا أن يصدق أولياء المقتول بالدية على القاتل فهو خير لهم، فأما عتق رقبة فإنه واجب على القاتل من ماله.

                                          5795 - حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله: إلا أن يصدقوا فيتركوا الدية وروي عن إبراهيم النخعي نحو ذلك.

                                          قوله تعالى: فإن كان

                                          5796 - حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: فإن كان يعني المقتول من قوم عدو لكم

                                          5797 - أحمد بن منصور الرمادي، ثنا أبو الجواب الأحوص بن جواب، ثنا عمار بن رزيق، عن عطاء بن السائب ، عن أبي يحيى، عن ابن عباس ، في هذه الآية: فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن قال: كان الرجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يرجع إلى قومه فيكون معهم وهم مشركون فيصيبه المسلمون خطأ في سرية أو غارة فيعتق الذي يصيبه رقبة.

                                          [ ص: 1034 ] 5798- حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن يعني من أهل الحرب وهو مؤمن يعني المقتول قال: نزلت في مرداس بن عمرو وكان أسلم، وقومه كفار من أهل الحرب فقتله أسامة بن زيد خطأ، فتحرير رقبة مؤمنة، ولا دية لهم، لأنهم أهل الحرب.

                                          وروي عن إبراهيم، وعكرمة ، والشعبي ، وقتادة ، والسدي ، وابن عباس نحو ذلك.

                                          والوجه الثاني:

                                          5799 - قرأت على محمد بن الفضل بن موسى، ثنا محمد بن علي ، أنبأ أبو وهب ، محمد بن مزاحم ، عن بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، قوله: فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة قال: إن كان المؤمن الذي قتل ليس له ورثة بين ظهراني المسلمين وورثه المشركون من أهل الحرب للمسلمين فتحرير رقبة فلم يجعل له ذرية.

                                          قوله تعالى: فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق

                                          5800 - حدثنا أحمد بن منصور ، ثنا الأحوص بن جواب، ثنا عمار بن رزيق، عن عطاء بن السائب ، عن أبي يحيى، عن ابن عباس ، قوله: وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال: هو الرجل يكون معاهدا ويكون قومه أهل عهد فيسلم إليهم دينه ويعتق الذي أصابه رقبة وروي عن سعيد بن جبير ، وعكرمة ، والسدي ، والزهري ، وعطاء الخراساني ، وقتادة ، وإبراهيم النخعي أنهم قالوا: عهد.

                                          والوجه الثاني:

                                          5801 - قرأت على محمد بن الفضل ، ثنا محمد بن علي ، أنبأ محمد بن مزاحم ، عن بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، قوله: وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق يقول: إن كان المؤمن الذي قتل ليس له ذرية في المسلمين وله ذرية في المشركين من أهل عهد النبي صلى الله عليه وسلم فيمن بين النبي صلى الله عليه وسلم ميثاق يقول: ادفعوا الدية إلى ورثته.

                                          [ ص: 1035 ] قوله تعالى: فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة

                                          5802 - حدثنا أبي، ثنا أبو صالح ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله: فدية مسلمة إلى أهله فعلى قاتله الدية مسلمة إلى أهله.

                                          5803 - حدثنا أبي، ثنا أبو صالح ، حدثني الليث ، حدثني عقيل ، عن ابن شهاب : فدية مسلمة إلى أهله بلغنا أن دية المعاهد كانت كدية مسلم ، ثم نقصت بعد في آخر الزمان فجعلت مثل نصف دية المسلم، وأن الله تعالى أمر بتسليم دية المعاهد إلى أهله وجعل معها تحرير رقبة مؤمنة.

                                          5804 - حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: فدية مسلمة إلى أهله قال: لأهل المقتول من أهل العهد من مشركي العرب.

                                          قوله تعالى: فمن لم يجد

                                          5805 - حدثنا حجاج بن حمزة ، ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله: فمن لم يجد يقول: من لم يجد دية عتاقه في قتل مؤمن خطأ.

                                          5806 - حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: فمن لم يجد قال: فمن لم يجد رقبة فصيام شهرين وروي عن مقاتل نحو ذلك.

                                          5807 - حدثنا عمار بن خالد التمار، ثنا أسباط ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، قال: إذا كان فمن لم يجد فالأول فالأول.

                                          قوله تعالى: فصيام شهرين متتابعين

                                          5808 - حدثنا المنذر بن شاذان ، ثنا يعلى، ثنا زكريا ، عن عامر ، قال: سئل مسروق عن قوله فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فسألوه عن صيام الشهرين المتتابعين عن الرقبة وحدها، أو عن الدية والرقبة؟ قال: من لم يجد عن الدية والرقبة.

                                          [ ص: 1036 ] 5809- حدثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا مبارك، ثنا الحسن، قوله: فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين تغليظا وتشديدا من الله قال: هذا في الخطأ تشديد من الله.

                                          قوله تعالى: متتابعين

                                          5810 - حدثنا أبي، ثنا أبو حذيفة ، ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وسألته عن صيام شهرين متتابعين قال: لا يفطر فيها ولا يقطع صيامها فإن فعل من غير مرض ولا عذر استقبل صيامها جميعا، فإن عرض له مرض أو عذر صام ما بقي منهما فإن مات ولم يصم أطعم عنه ستون مسكينا لكل مسكين مد.

                                          قوله تعالى: توبة من الله

                                          5811 - حدثنا أبو زرعة ، ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني عبد الله بن لهيعة ، حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قوله: توبة من الله يعني: تجاوزا من الله لهذه الأمة حين جعل في قتل الخطأ كفارة ودية.

                                          قوله تعالى: وكان الله عليما حكيما

                                          5812 - وبه عن سعيد بن جبير ، في قول الله تعالى: وكان الله عليما حكيما يعني حكم الكفارة لمن قتل خطأ ثم صارت دية في العهد والموادعة لمشركي العرب منسوخة، نسختها الآية التي في براءة: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتوارث أهل ملتين.

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية