الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 708 ) مسألة : قال : ( فإن كان مأموما ، لم يزد على قول : ربنا ولك الحمد ) لا أعلم في المذهب خلافا أنه لا يشرع للمأموم قول : " سمع الله لمن حمده " ، وهذا قول ابن مسعود ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، والشعبي ، ومالك ، وأصحاب الرأي ، وقال ابن سيرين ، وأبو بردة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والشافعي ، وإسحاق : يقول ذلك كالإمام ; لحديث بريدة ، ولأنه ذكر شرع للإمام فيشرع للمأموم ، كسائر الأذكار . ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده ، فقولوا : ربنا ولك الحمد } .

                                                                                                                                            وهذا يقتضي أن يكون قولهم " ربنا ولك الحمد " عقيب قوله " سمع الله لمن حمده " بغير فصل ; لأن الفاء للتعقيب ، وهذا ظاهر يجب تقديمه على القياس ، وعلى حديث بريدة ، لأن هذا صحيح مختص بالمأموم ، وحديث بريدة في إسناده جابر الجعفي ، وهو عام ، وتقديم الصحيح الخاص أولى ، فأما قول : " ملء السماء " وما بعده ، فظاهر المذهب أنه لا يسن للمأموم ، نص عليه أحمد في رواية أبي داود وغيره ، وهو قول أكثر الأصحاب ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على أمرهم بقول : " ربنا ولك الحمد " . فدل على أنه لا يشرع في حقهم سواه . ونقل الأثرم عن أحمد كلاما يدل على أنه مسنون ، قال : وليس يسقط خلف الإمام عنه غير : " سمع الله لمن حمده " . وهذا اختيار أبي الخطاب ، ومذهب الشافعي ; لأنه ذكر مشروع في الصلاة ، أشبه سائر الأذكار .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية