الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 259 ] مسألة : قال : ( والذكر بالذكر ) لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن القصاص يجري في الذكر ; لقوله تعالى : { والجروح قصاص } . ولأن له حدا ينتهي إليه ، ويمكن القصاص فيه من غير حيف ، فوجب فيه القصاص ، كالأنف . ويستوي في ذلك ذكر الصغير والكبير ، والشيخ والشاب ، والذكر الكبير والصغير ، والصحيح والمريض ; لأن ما وجب فيه القصاص من الأطراف لم يختلف بهذه المعاني ، كذلك الذكر . ويؤخذ كل واحد من المختون والأغلف بصاحبه ; لأن الغلفة زيادة تستحق إزالتها ، فهي كالمعدومة . وأما ذكر الخصي والعنين ، فذكر الشريف أن غيرهما لا يؤخذ بهما . وهو قول مالك ; لأنه لا منفعة فيهما ، لأن العنين لا يطأ ولا ينزل ، والخصي لا يولد له ولا ينزل ، ولا يكاد يقدر على الوطء ، فهما كالأشل ، ولأن كل واحد منهما ناقص ، فلا يؤخذ به الكامل ، كاليد الناقصة بالكاملة .

                                                                                                                                            وقال أبو الخطاب : يؤخذ غيرهما بهما ، في أحد الوجهين . وهو مذهب الشافعي ; لأنهما عضوان صحيحان ، ينقبضان وينبسطان ، ويؤخذ بهما غيرهما ، كذكر الفحل غير العنين ، وإنما عدم الإنزال لذهاب الخصية ، والعنة لعلة في الظهر ، فلم يمنع ذلك من القصاص بهما ، كأذن الأصم وأنف الأخشم . وقال القاضي : لا يؤخذ ذكر الفحل بالخصي ; لتحقق نقصه ، والإياس من برئه . وفي أخذه بذكر العنين وجهان ; أحدهما ، يؤخذ به غيره ; لأنه غير ميئوس من زوال عنته ، ولذلك يؤجل سنة ، بخلاف الخصي . والصحيح الأول ; فإنه إذا ترددت الحال بين كونه مساويا للآخر وعدمه ، لم يجب القصاص ، لأن الأصل عدمه ، فلا يجب بالشك ، سيما وقد حكمنا بانتفاء التساوي ، لقيام الدليل على عنته ، وثبوت عيبه . ويؤخذ كل واحد من الخصي والعنين بمثله ; لتساويهما ، كما يؤخذ العبد بالعبد ، والذمي بالذمي .

                                                                                                                                            ( 6696 ) فصل : ويؤخذ بعضه ببعضه ، ويعتبر ذلك بالأجزاء دون المساحة ، فيؤخذ النصف بالنصف ، والربع بالربع ، وما زاد أو نقص فبحسب ذلك ، على ما ذكرناه في الأنف والأذن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية