الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 536 ] باب عزل الوكيل .

( الوكالة من العقود الغير اللازمة ) كالعارية ( فلا يدخلها خيار شرط ولا يصح الحكم بها مقصودا وإنما يصح في ضمن دعوى صحيحة على غريم ) وبيانه في الدرر ( فللموكل العزل متى شاء ما لم يتعلق به حق الغير ) كوكيل خصومة بطلب الخصم كما سيجيء ولو الوكالة دورية [ ص: 537 ] في طلاق وعتاق على ما صححه البزازي ، وسيجيء عن العيني خلافه فتنبه ( بشرط علم الوكيل ) أي في القصدي ، أما الحكمي فيثبت وينعزل قبل العلم كالرسول ( ولو ) عزله ( قبل وجود الشرط في المعلق به ) أي بالشرط به يفتى شرح وهبانية

التالي السابق


باب عزل الوكيل

( قوله خيار شرط ) ; لأنه إنما يحتاج إليه في عقد لازم ليتمكن من له الخيار من فسخه إذا أراد منح ( قوله فللموكل العزل ) قال الزيلعي بعد تقرير مسألة عزل الوكيل ما لم يتعلق به حق الغير ، وعلى هذا قال بعض المشايخ إذا وكل الزوج بطلاق زوجته بالتماسها ثم غاب لا يملك عزله وليس بشيء بل له عزله في الصحيح ; لأن المرأة لا حق لها في الطلاق ، وعلى هذا قالوا لو قال الموكل للوكيل كلما عزلتك فأنت وكيلي لا يملك عزله ; لأنه كلما عزله تجددت الوكالة له ، وقيل ينعزل بقوله كلما وكلتك فأنت معزول .

وقال صاحب النهاية : عندي أنه يملك عزله أن يقول عزلتك عن جميع الوكالات فينصرف ذلك إلى المعلق والمنفذ وكلاهما ليس بشيء ، ولكن الصحيح إذا أراد عزله وأراد أن لا تنعقد الوكالة بعد العزل أن يقول رجعت عن المعلقة وعزلتك عن المنجزة ; لأن ما لا يكون لازما يصح الرجوع عنه والوكالة منه ا هـ ملخصا ( قوله كوكيل خصومة ) تمثيل لمدخول النفي : أي ليس له عزله وإن علم به الوكيل لتعلق حق الغير به ، فليس للموكل العزل كوكيل خصومة ، وهو ما إذا وكل المدعى عليه وكيلا بالخصومة بطلب الخصم الذي هو المدعي ثم غاب وعزله فإنه لا يصح لئلا يضيع حق المدعي ح ( قوله كما سيجيء ) أي قريبا ( قوله ولو الوكالة دورية ) لا يخلو إما أن يكون مبالغة على قوله فللموكل العزل أو على قوله ما لم يتعلق به حق الغير ، فعلى الأول يكون المعنى أن له العزل ولو كانت الوكالة دورية والمبالغة حينئذ ظاهرة ، وعلى الثاني أنه ليس له العزل في الوكالة الدورية ، وعلى كل ففي كلام الشارح مناقشة .

أما على الأول فلمنافاته لقوله وسيجيء عن العيني خلافه ; لأن الذي سيجيء أن له العزل فليس خلافه .

وأما على الثاني فلأنه يقتضي أنه مما تعلق به حق الغير وليس كذلك ; لأن من يقول بعدم [ ص: 537 ] عزله في الوكالة الدورية يقول إنه لا يمكن ; لأنه كلما عزله تجددت له وكالة ، وقوله في طلاق وعتاق يحتمل أنه حال من الوكالة الدورية ويحتمل أنه مسألة أخرى من مدخول لو أيضا : أي ولو في طلاق وعتاق لا بقيد كونه في الوكالة الدورية ، وفي كل مناقشة أيضا ; لأن البزازي لم يصحح شيئا منهما ، بل قال وكله غير جائز الرجوع .

قال بعض المشايخ : ليس له أن يعزله في الطلاق والعتاق .

وقال بعض مشايخنا : له العزل وليس فيه رواية مسطورة .

وقال قبله : لو عزل الوكيل بالطلاق والنكاح لا يصح بلا علم ; لأنه وإن لم يلحقه ضرر لكنه يصير مكذبا فيكون غرورا ا هـ .

نعم يصح حمله على الثاني إن جعلت المبالغة على قوله فللموكل عزله .

ولا يرد حينئذ عليه أنه مما لا حق فيه للغير كما سيصرح به ، والظاهر أن قوله وسيجيء عن العيني خلافه وقع من سهو القلم ولو حذفه لاستقام الكلام وانتظم .

والعبارة الجيدة أن يقول : فللموكل العزل متى شاء ولو الوكالة دورية ما لم يتعلق به حق الغير كوكيل خصومة بطلب الخصم بشرط علم الوكيل ولو في طلاق وعتاق ( قوله في طلاق وعتاق ) لو داخلة على الظرف أيضا فكأنه قال ولو كانت الوكالة بطلاق أو عتاق : أي فإن العزل فيها لا يصح س ( قوله وسيجيء ) أي قريبا ( قوله بشرط علم الوكيل ) فلو أشهد على العزل في غيبة الوكيل لم يتضرر بحر ( قوله كالرسول ) فإنه ينعزل قبل علمه س .




الخدمات العلمية