الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون

                                                                                                                                                                                                                                        إنا أنزلنا التوراة فيها هدى يهدي إلى الحق. ونور يكشف عما استبهم من الأحكام. يحكم بها النبيون يعني أنبياء بني إسرائيل، أو موسى ومن بعده إن قلنا شرع من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخ، وبهذه الآية تمسك القائل به. الذين أسلموا صفة أجريت على النبيين مدحا لهم وتنويها بشأن المسلمين، وتعريضا باليهود وأنهم بمعزل عن دين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واقتفاء هديهم. للذين هادوا متعلق بأنزل، أو بيحكم أي يحكمون بها في تحاكمهم وهو يدل على أن النبيين أنبياؤهم. والربانيون والأحبار زهادهم وعلماؤهم السالكون طريقة أنبيائهم عطف على النبيون، بما استحفظوا من كتاب الله بسبب أمر الله إياهم بأن يحفظوا كتابه من التضييع والتحريف، والراجع إلى ما محذوف ومن للتبيين. وكانوا عليه شهداء رقباء لا يتركون أن يغير، أو شهداء يبينون ما يخفى منه كما فعل ابن صوريا. فلا تخشوا الناس واخشون نهي للحكام أن يخشوا غير الله في حكوماتهم ويداهنوا فيها خشية ظالم أو مراقبة كبير. ولا تشتروا بآياتي ولا تستبدلوا بأحكامي التي أنزلتها. ثمنا قليلا هو الرشوة والجاه ومن لم يحكم بما أنزل الله مستهينا به منكرا له. فأولئك هم الكافرون لاستهانتهم به وتمردهم بأن حكموا بغيره، ولذلك وصفهم بقوله الكافرون والظالمون والفاسقون، فكفرهم لإنكاره، وظلمهم بالحكم على خلافه، وفسقهم بالخروج عنه. ويجوز أن يكون كل واحدة من الصفات الثلاث باعتبار حال انضمت إلى الامتناع عن الحكم به ملائمة لها، أو لطائفة كما قيل هذه في المسلمين لاتصالها بخطابهم، والظالمون في اليهود، والفاسقون في النصارى.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية