الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في التشديد في ذلك

                                                                      3394 حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي الليث حدثني عقيل عن ابن شهاب أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر أن ابن عمر كان يكري أرضه حتى بلغه أن رافع بن خديج الأنصاري حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن كراء الأرض فلقيه عبد الله فقال يا ابن خديج ماذا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كراء الأرض قال رافع لعبد الله بن عمر سمعت عمي وكانا قد شهدا بدرا يحدثان أهل الدار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض قال عبد الله والله لقد كنت أعلم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأرض تكرى ثم خشي عبد الله أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث في ذلك شيئا لم يكن علمه فترك كراء الأرض قال أبو داود رواه أيوب وعبيد الله وكثير بن فرقد ومالك عن نافع عن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه الأوزاعي عن حفص بن عنان الحنفي عن نافع عن رافع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك رواه زيد بن أبي أنيسة عن الحكم عن نافع عن ابن عمر أنه أتى رافعا فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم وكذا قال عكرمة بن عمار عن أبي النجاشي عن رافع بن خديج قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام ورواه الأوزاعي عن أبي النجاشي عن رافع بن خديج عن عمه ظهير بن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو داود أبو النجاشي عطاء بن صهيب [ ص: 197 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 197 ] 32 - باب في التشديد في ذلك

                                                                      أي في النهي عن المزارعة . قال الخطابي : ذكر أبو داود في هذا الباب طرقا لحديث رافع بن خديج بألفاظ مختلفة وسبيلها كلها أن يرد المجمل منها إلى المفسر من الأحاديث التي تقدم ذكرها وقد بينا عللها انتهى .

                                                                      ( كان يكري ) : بضم الياء من الإكراء ( سمعت عمي ) : بتشديد الميم والياء المفتوحتين تثنية العم مضافا إلى ياء المتكلم ( أن الأرض تكرى ) : بصيغة المجهول ( أحدث في ذلك شيئا لم يكن علمه ) : أي حكم بما هو ناسخ لما كان يعلمه من جواز الكراء .

                                                                      قال [ ص: 198 ] المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي . وعماه هما : ظهير ومظهر ابنا رافع ، وذكر أبو داود أن رواة نافع يعني مولى ابن عمر رووه عن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن نافع عن رافع قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن أبي النجاشي عن رافع عن عمه ظهير بن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم . وهذه الطرق التي ذكرناها كلها أسانيدها جيدة . وقال الإمام أحمد بن حنبل كثير الألوان . [ ص: 199 ] انتهى كلام المنذري

                                                                      ( رواه أيوب ) : وحديثه عند مسلم من طريق يزيد بن زريع عن أيوب عن نافع أن ابن عمر كان يكري مزارعه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي إمارة أبي بكر وعمر وعثمان وصدرا من خلافة معاوية حتى بلغه في آخر خلافة معاوية أن رافع بن خديج يحدث فيها بنهي عن النبي صلى الله عليه وسلم فدخل عليه وأنا معه فسأله فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن كراء المزارع فتركها ابن عمر بعد ، فكان إذا سئل عنها بعد قال زعم ابن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها وأخرجه النسائي أيضا ( وعبيد الله ) : بن عمر وحديثه عند النسائي من طريق خالد بن الحارث حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع أن رجلا أخبر ابن عمر أن رافع بن خديج يأثر في كراء الأرض حديثا فانطلقت معه أنا والرجل الذي أخبره حتى أتى رافعا فأخبره رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض فترك عبد الله كراء الأرض . والحديث أخرجه مسلم مختصرا ( وكثير بن فرقد ) : وحديثه عند النسائي من طريق الليث عن كثير بن فرقد عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يكري المزارع فحدث أن رافع بن خديج يأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك ، قال نافع فخرج إليه على البلاط وأنا معه فسأله فقال نعم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء المزارع فترك عبد الله كراءها ( ومالك ) : الإمام كلهم ( عن نافع ) : مولى ابن عمر ( عن رافع ) : بن خديج ( عن النبي صلى الله عليه وسلم ) : من غير ذكر واسطة بين رافع وبين النبي صلى الله عليه وسلم ومن غير ذكر بيان السماع لرافع عن النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الحديث ( عن حفص بن عنان ) : بكسر المهملة [ ص: 200 ] ونونين اليمامي وحديثه عند النسائي وفيه المذاكرة بين عبد الله بن عمر ورافع بن خديج فقال له عبد الله أسمعت النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض ، فقال رافع سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تكروا الأرض بشيء .

                                                                      والحديث فيه التصريح بسماع رافع لهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ( وكذلك ) : أي بذكر السماع عن النبي صلى الله عليه وسلم ( زيد بن أبي أنيسة ) : وحديثه عند مسلم مختصرا ( وكذا ) : أي بذكر السماع ( عكرمة بن عمار ) : وحديثه عند مسلم مختصرا ( عن أبي النجاشي ) : ولفظ مسلم من [ ص: 201 ] طريق يحيى بن حمزة حدثني أبو عمرو الأوزاعي عن أبي النجاشي مولى رافع بن خديج عن رافع أن ظهير بن رافع وهو عمه قال أتاني ظهير قال لقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان بنا رافقا ، فقلت وما ذاك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حق ، قال سألني كيف تصنعون بمحاقلكم ، فقلت نؤاجرها يا رسول الله على الربيع أو الأوسق من التمر أو الشعير . قال فلا تفعلوا ازرعوها أو أزرعوها أو أمسكوها " .

                                                                      والحاصل أن سالم بن عبد الله بن عمر روى حديث رافع بن خديج فذكر فيه واسطة عمي رافع بن خديج ، وأما نافع مولى ابن عمر فاختلف عليه فمنهم من رواه عن نافع عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنهم من رواه عن نافع عن ابن عمر عن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما أبو النجاشي فاختلف عليه أيضا ، فمنهم من رواه عنه عن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنهم [ ص: 202 ] من رواه عنه عن رافع عن عمه ظهير عن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال أبو داود أبو النجاشي إلخ ) : بفتح النون وتخفيف الجيم وكسر الشين المعجمة أي اسم أبي النجاشي عطاء بن صهيب .




                                                                      الخدمات العلمية