الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6731 ) فصل : وإن اقتص من حامل فقد أخطأ ، وأخطأ السلطان الذي مكنه من الاستيفاء ، وعليهما الإثم إن كانا عالمين ، أو كان منهما تفريط ، وإن علم أحدهما أو فرط ، فالإثم عليه ، ثم ننظر ; فإن لم تلق الولد ، فلا ضمان فيه ; لأنا لم نتحقق وجوده وحياته ، وإن انفصل ميتا أو حيا لوقت لا يعيش في مثله ، ففيه غرة ، وإن انفصل حيا لوقت يعيش مثله ، ثم مات من الجناية ، وجبت فيه دية . وعلى من يجب ضمانه ؟ ننظر ; فإن كان الإمام والولي عالمين بالحمل وتحريم الاستيفاء ، أو جاهلين بالأمرين ، أو بأحدهما ، أو كان الولي عالما بذلك دون الممكن له من الاستيفاء ، فالضمان عليه وحده ; لأنه مباشر ، والحاكم الممكن له صاحب سبب ، ومتى اجتمع المباشر مع المتسبب ، كان الضمان على المباشر دون المتسبب ، كالحافر مع الدافع ، وإن علم الحاكم دون الولي ، فالضمان على الحاكم وحده ; لأن المباشر [ ص: 272 ] معذور ، فكان الضمان على المتسبب ، كالسيد إذا أمر عبده بالقتل ، والعبد أعجمي لا يعرف تحريم القتل ، وكشهود القصاص إذا رجعوا عن الشهادة بعد الاستيفاء .

                                                                                                                                            وقال القاضي : إن كان أحدهما عالما وحده ، فالضمان عليه وحده ، وإن كانا عالمين ، فالضمان على الحاكم ; لأنه الذي يعرف الأحكام ، والولي إنما يرجع إلى حكمه واجتهاده ، وإن كانا جاهلين ، ففيه وجهان ; أحدهما : الضمان على الإمام ، كما لو كانا عالمين . والثاني ، على الولي . وهذا مذهب الشافعي . وقال أبو الخطاب : الضمان على الحاكم ، ولم يفرق . وقال المزني : الضمان على الولي في كل حال ; لأنه المباشر ، والسبب ، غير ملجئ ، فكان الضمان عليه ، كالحافر مع الدافع ، وكما لو أمر من يعلم تحريم القتل به فقتل . وقد ذكرنا ما يقتضي التفريق . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية