الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1359 ( باب من أمر خادمه بالصدقة ، ولم يناول بنفسه )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان حال من أمر خادمه بالصدقة يعني : أمره بأن يتصدق عنه ، ولم يناول الصدقة للفقير بنفسه ، والخادم الذي يخدم غيره أعم من أن يكون مملوكا أو أجيرا أو متبرعا بالخدمة ، قيل : فائدة قوله : ولم يناول بنفسه ، التنبيه على أن ذلك مما يغتفر ، وأن قوله في الباب الذي قبله الصدقة باليمين ، لا يلزم منه المنع من إعطائها بالغير ، وإن كانت المباشرة بنفسه أولى ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : فائدة قوله ولم يناول بنفسه التأكيد في عدم المناولة بنفسه والتصريح به ; لأنه يجوز أن يأمر خادمه بالصدقة ، ثم ناول بنفسه قبل أن يباشر الخادم أو يأمره بها ، ثم ينهاه عنها ، وأما قوله في الباب الذي قبله باب الصدقة باليمين أعم من أن يكون بيمين المتصدق بنفسه ، أو بيمين خادمه ، أو وكيله .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : ما فائدة وضع هذه الترجمة ، ولا يعلم منها حكم .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : قال صاحب التلويح كأن البخاري أراد بهذه معارضة ما رواه ابن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن موسى بن عبيدة ، عن عباس بن عبد الرحمن المدني ، قال : خصلتان لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يليهما إلى أحد من أهله ، كان يناول المسكين بيده ، ويضع الطهور لنفسه . وفي الترغيب للجوزي بسند صالح ، عن ابن عباس ، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكل طهوره ، ولا صدقته التي يتصدق بها إلى أحد يكون هو الذي يتولاهما بنفسه ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  . ( قلت ) : الذي يظهر من كلامه أن المتصدق بنفسه والمأمور بالصدقة عنه ، كلاهما في الأجر سواء على ما يشير إليه ما ذكره في الباب ، وإنما أطلق الترجمة ، ولم يشر إلى شيء من ذلك اكتفاء بما ذكره في الباب ، وقد جرت عادته بذلك في مواضع عديدة ، ولا معارضة هاهنا ; لأن مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلى المقامات ، فإذا أمر بشيء يفعله أحد ، هل يقال إنه يحصل له من الأجر مثل ما يحصل للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولئن سلمنا التعارض ظاهرا فلا نسلم أنه تعارض حقيقة لعدم التساوي بين ما ذكره في الباب وبين غيره .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية