الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
بيان آدابه وأخلاقه في اللباس .

كان صلى الله عليه وسلم يلبس من الثياب ما وجد من إزار أو رداء أو قميص ، أو جبة ، أو غير ذلك وكان يعجبه الثياب الخضر وكان أكثر لباسه البياض ، ويقول ألبسوها أحياءكم : وكفنوا فيها موتاكم وكان يلبس القباء المحشو للحرب وغير الحرب وكان له قباء سندس فيلبسه فتحسن خضرته على بياض لونه .

التالي السابق


(بيان آدابه وأخلاقه) صلى الله عليه وسلم (في اللباس) .

(كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يلبس من الثياب ما وجد من إزار أو رداء أو قميص، أو جبة، أو غير ذلك) ، قال العراقي : روى الشيخان من حديث عائشة أنها أخرجت إزارا مما يصنع باليمن وكساء من هذه الملبدة فقالت: في هذا قبض النبي صلى الله عليه وسلم- ، وفي رواية إزارا غليظا، ولهما من حديث أنس : "كنت أمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية" الحديث، لفظ مسلم، وقال البخاري : "برد نجراني" ، ولابن ماجه بسند ضعيف من حديث ابن عباس : "كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- يلبس قميصا قصير اليدين والطول"، ولأبي داود والترمذي، وحسنه، والنسائي من حديث أم سلمة، "كان أحب الثياب إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- القميص"، ولأبي داود من حديث أسماء بنت يزيد: "كانت يد كم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- إلى الرسغ"، وفيه شهر بن حوشب، مختلف فيه، وتقدم قبل ذلك حديث الجبة، والشملة، والحبرة، اهـ .

قلت: ومن ذلك ما رواه الشيخان، وأبو داود، والنسائي، من حديث أنس : "كان أحب الثياب إليه الحبرة" ، ولفظ حديث ابن عباس عند ابن ماجه : "كان يلبس قميصا فوق الكعبين، مستوي الكمين بأطراف أصابعه، قد أخرجه كذلك ابن عساكر في التاريخ، وروى الحاكم من حديثه: "كان قميصه فوق الكعبين، وكان كمه مع الأصابع، وروى ابن سعد من مرسل يزيد بن أبي حبيب، "كان يرخي الإزار من بين يديه ويرفعه من ورائه" .

(وكان) صلى الله عليه وسلم (يعجبه الثياب الخضر) أغفله العراقي، وقد روى أبو الشيخ، وأبو نعيم في الطب من حديث أنس "كان أحب الألوان إليه الخضرة"، أي من الثياب وغيرها ; لأن الخضرة من ثياب الجنة، قال ابن بطال وكفى به شرفا موجبا للمحبة، ورواه كذلك البزار ، وأخرج ابن عدي ، والبيهقي عن قتادة، قال " خرجنا مع أنس إلى أرض فقيل: ما أحسن هذه الخضرة! فقال أنس : كنا نتحدث أن أحب الألوان إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الخضرة.

(وكان) صلى الله عليه وسلم (أكثر لباسه البياض، ويقول: البسوها وكفنوا بها موتاكم) قال [ ص: 127 ] العراقي : رواه ابن ماجه ، والحاكم من حديث ابن عباس : "خير ثيابكم البيض فألبسوها أحياءكم ، وكفنوا فيها موتاكم"، قال الحاكم : صحيح الإسناد ، وله ولأصحاب السنن من حديث سمرة : "بهذه الثياب البياض فليلبسه أحياؤكم ، وكفنوا فيها موتاكم"، لفظ الحاكم ، وقال: صحيح على شرط الشيخين ، وقال الترمذي : حسن صحيح اهـ .

قلت: حديث ابن عباس أخرجه أيضا الطبراني بتقديم وتأخير وزيادة، "وخير أكحالكم الإثمد ينبت الشعر ، ويجلو البصر"، وحديث سمرة أخرجه كذلك أحمد ، وابن سعد ، والروياني ، والطبراني ، والبيهقي ، والضياء بزيادة "فإنها من خير ثيابكم" .

(وكان -صلى الله عليه وسلم- يلبس القباء المحشو) بالقطن أو الصوف ، (وغير المحشو) قال العراقي : روى الشيخان من حديث المسور بن مخرمة ، "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدمت عليه أقبية من ديباج مزرر بالذهب"، الحديث ، وليس في طرق الحديث لبسها إلا في طريق علقها البخاري ، قال: "فخرج وعليه قباء من ديباج مزرر بالذهب"، الحديث ، ولمسلم من حديث جابر : "لبس النبي -صلى الله عليه وسلم- يوما قباء ديباج أهدي له ثم نزعه" الحديث .

(وكان) -صلى الله عليه وسلم- (له قباء سندس فيلبسه فتحسن خضرته على بياض لونه) .

قال العراقي : روى أحمد من حديث أنس : "أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- جبة سندس أو ديباج قبل أن ينهى عن الحرير فلبسها" ، والحديث في الصحيحين ، وليس فيه أنه لبسها ، وقال فيه: "وكان ينهى عن الحرير"، وعند الترمذي ، وصححه ، والنسائي أنه لبسها ، ولكنه قال: بجبة ديباج منسوجة فيها الذهب" .




الخدمات العلمية