الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ اقتضاء الدين وتواري المدين ]

المثال الثامن بعد المائة : رجل يكون له الدين ، ويكون عليه الدين ، فيوكل وكيلا في اقتضاء ديونه ، ثم يتوارى عن غريمه ، فلا يمكنه اقتضاء دينه منه ، فأراد الغريم ممن له الدين [ ص: 33 ] على هذا الرجل حيلة يقتضي بها دينه منه ، ولا يضره تواري من عليه الدين .

فالحيلة أن يأتي هذا الذي له الدين إلى من عليه الدين فيقول له : وكلتك بقبض مالي على فلان وبالخصومة فيه ، ووكلتك أن تجعل ماله عليك قصاصا بمالي عليه ، وأجزت أمرك في ذلك ، وما عملت فيه من شيء ، فيقبل الوكيل ، ويشهد على الوكالة على هذا الوجه شهودا ، ثم يشهدهم الوكيل أنه قد جعل الألف درهم التي لفلان عليه قصاصا بالألف التي لموكله على فلان ، فيصير الألف قصاصا ، ويتحول ما كان للرجل المتواري على هذا الوكيل للرجل الذي وكله .

وهذه الحيلة جائزة ; لأن الموكل أقام الوكيل مقام نفسه ، والوكيل يقول : مطالبتي لك بهذا الدين كمطالبة موكلي به ، فأنا أطالبك بألف ، وأنت تطالبني به ، فاجعل الألف الذي تطالبني به عوضا عن الألف الذي أطالبك به ، ولو كانت الألف لي لحصلت المقاصة ، إذ لا معنى لقبضك للألف مني أم أدائها إلي ، وهذا بعينه فيما إذا طالبتك بها لموكلي ; أنا أستحق عليك أن تدفع إلي الألف ، وأنت تستحق علي أن أدفع إليك ألفا ، فنتقاص في الألفين .

التالي السابق


الخدمات العلمية