الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة الثانية: الشرط الثاني: أن يكون الموهوب له متحقق الحياة

        (الهبة للجنين)

        اختلف العلماء رحمهم الله في حكم الهبة للجنين على قولين:

        القول الأول: صحة الهبة للجنين.

        [ ص: 382 ] ذهب إليه المالكية، وبه قال ابن عقيل من الحنابلة.

        وجاء في الفروع: "ويتوجه من الوقف على حمل صحة الهبة وأولى لصحتها لعبد".

        وحجتهم:

        1 - عموم أدلة مشروعية الهبة.

        وهي بعمومها تشمل الهبة للجنين.

        2 - أن الهبة في معنى الوقف على الجنين والوقف على الجنين أصالة، وعلى وجه الاستقلال يصح، فكذلك الهبة.

        3 - القياس على الوصية، فكما تصح الوصية للجنين، فكذا الهبة.

        ونوقش: بأن ملكية الجنين معلقة على خروجه حيا، والوقف والهبة لا يقبلان التعليق.

        وأجيب: بعدم التسليم بأن الهبة لا تقبل التعليق كما تقدم.

        القول الثاني: أن هبة الجنين لا تصح.

        وبه قال جمهور أهل العلم: الحنيفية، والشافعية، والحنابلة في المذهب.

        [ ص: 383 ] وحجته: أن ملكيته معلقة على خروجه حيا، والهبة تمليك منجز لا يقبل التعليق.

        وتقدمت مناقشة هذا الدليل في أدلة الرأي الأول.

        الراجح:

        الراجح - والله أعلم - صحة الهبة للجنين; لأن الأصل في الهبة أنها فعل خير، والأصل في فعل الخير الحث عليه، والأمر به، ولقوة دليله في مقابل ضعف دليل القول الآخر بمناقشة.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية