nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=50انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=51ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=52أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=53أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=55فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=56إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما طمس : متعد ولازم . تقول : طمس المطر الأعلام ، أي : محا آثارها ، وطمست الأعلام درست ، وطمس الطريق درس وعفت أعلامه ، قاله
أبو زيد . ومن
[ ص: 266 ] المتعدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=8فإذا النجوم طمست ) أي استؤصلت . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=88اطمس على أموالهم أي أذهبها كلية ، وأعمى مطموس ، أي : مسدود العينين . وقال
كعب :
من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت عرضتها طامس الأعلام مجهول
والطمس والطسم والطلس والدرس كلها متقاربة في المعنى . الفتيل : فعيل بمعنى مفعول . فقيل : هو الخيط الذي في شق نواة التمرة . وقيل : ما خرج من الوسخ من بين كفيك وأصبعيك إذا فتلتهما . الجبت : اسم لصنم ثم صار مستعملا لكل باطل ، ولذلك اختلفت فيه أقاويل المفسرين على ما سيأتي . وقال
قطرب : الجبت الجبس ، وهو الذي لا خير عنده ، قلبت السين تاء . قيل : وإنما قال هذا لأن الجبت مهمل . النقير : النقطة التي على ظهر النواة منها تنبت النخلة قاله :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقال
الضحاك : هو البياض الذي في وسطها . النضج : أخذ الشيء في التهري وتفرق أجزائه ، ومنه نضج اللحم ، ونضج الثمرة . يقال : نضج الشيء ينضج نضجا ونضاجا . الجلد معروف .
(
nindex.php?page=treesubj&link=28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47ياأيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم ) دعا رسول الله أحبار اليهود منهم
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش بن صوريا إلى الإسلام وقال لهم : ( إنكم لتعلمون أن الذي جئت به حق ) فقالوا : ما نعرف ذلك ، فنزلت . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . ومناسبة هذه الآية لما قبلها هو أنه تعالى لما رجاهم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46ولو أنهم قالوا ) الآية . خاطب من يرجى إيمانه منهم بالأمر بالإيمان ، وقرن بالوعيد البالغ على تركه ليكون أدعى لهم إلى الإيمان والتصديق به ، ثم أزال خوفهم من سوء الكبائر السابقة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ) الآية . وأعلمهم أن تزكيتهم أنفسهم بما لم يزكهم به الله لا ينفع .
والذين أوتوا الكتاب هنا اليهود ، والكتاب التوراة قاله : الجمهور ، أو اليهود والنصارى قاله :
الماوردي وابن عطية . والكتاب التوراة والإنجيل ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47بما نزلنا هو القرآن بلا خلاف ، ولما معكم من شرع وملة لا لما معهم من مبدل ومغير ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها . قرأ الجمهور :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47نطمس بكسر الميم . وقرأ
أبو رجاء : بضمها . وهما لغتان ، والظاهر أن يراد بالوجوه مدلولها الحقيقي ، وأما طمسها فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16574وعطية العوفي : هو أن تزال العينان خاصة منها وترد في القفا ، فيكون ذلك ردا على الدبر ويمشي القهقرى . وعلى هذا يكون ذلك على حذف مضاف أي : من قبل أن نطمس عيون وجوه ، ولا يراد بذلك مطلق وجوه ، بل المعنى وجوهكم . وقالت طائفة : طمس الوجوه أن يعفى آثار الحواس منها فترجع كسائر الأعضاء في الخلو من آثار الحواس منها ، والرد على الأدبار هو بالمعنى أي : خلوه من الحواس دثر الوجه لكونه عابرا بها ، وحسن هذا القول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وجوزه وأوضحه ، فقال : أن
[ ص: 267 ] نطمس وجوها ، أي : نمحو تخطيط صورها من عين وحاجب وأنف وفم ، فنردها على أدبارها ، فنجعلها على هيئة أدبارها وهي الأقفاء ، مطموسة مثلها . والفاء للتسبيب ، وإن جعلتها للتعقيب على أنهم توعدوا بالعقابين أحدهما عقيب الآخر ردها على أدبارها بعد طمسها ، فالمعنى : أن نطمس وجوها فننكسها ، الوجوه إلى خلف ، والأقفاء إلى قدام انتهى . والطمس بمعنى المحو الذي ذكره - مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، واختاره القتبي . وقال
قتادة والضحاك : معناه نعمي أعينها . وذكر الوجوه وأراد العيون ، لأن الطمس من نعوت العين . قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=37فطمسنا أعينهم ) . ويروى هذا أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقال
الفراء : طمس الوجوه جعلها منابت للشعر كوجوه القردة . وقيل : ردها إلى صورة بشعة كوجوه الخنازير والقردة . وقال
مجاهد والسدي والحسن : ذلك تجوز ، والمراد وجوه الهدى والرشد ، وطمسها حتم الإضلال والصد عنها ، والرد على الأدبار التصيير إلى الكفر . وقال
ابن زيد : الوجوه هي أوطانهم وسكناهم في بلادهم التي خرجوا إليها ، وطمسها إخراجهم منها . والرد على الأدبار رجوعهم إلى الشام من حيث أتوا أولا . وحسن
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري هذا القول ، فقال : ووجه آخر وهو أن يراد بالطمس القلب والتغيير ، كما طمس أموال القبط فقلبها حجارة ، وبالوجوه رءوسهم ووجهاؤهم أي : من قبل أن نغير أحوال وجهائهم فنسلبهم إقبالهم ووجاهتهم ، وتكسوها صغارهم وأدبارهم ، أو نردهم إلى حيث جاءوا منه . وهي أذرعات الشام ، يريد إجلاء بني النضير انتهى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47أو نلعنهم ) هو معطوف على قوله : أن نطمس . وظاهر اللعنة هو المتعارف كما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=60من لعنه الله وغضب عليه ) . وقال
الحسن : معناه نمسخهم كما مسخنا أصحاب السبت . وقال
ابن عطية : هم أصحاب أيلة الذين اعتدوا في السبت بالصيد ، وكانت لعنتهم أن مسخوا خنازير وقردة . وقيل : معناه نهيمهم في التيه حتى يموت أكثرهم .
وظاهر قوله : من قبل أن نطمس أو نلعن - أن ذلك يكون في الدنيا . ولذلك روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام لما سمع هذه الآية جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يأتي أهله ويده على وجهه فأسلم وقال : يا رسول الله ما كنت أرى أن أصل إليك حتى يحول وجهي في قفاي . وقال
مالك : كان إسلام كعب الأحبار أنه مر برجل من الليل وهو يقرأ هذه الآية ، فوضع كفه على وجهه ورجع القهقرى إلى بيته فأسلم مكانه ، وقال : والله لقد خفت أن لا أبلغ بيتي حتى يطمس وجهي . وقيل : الطمس المسخ لليهود قبل يوم القيامة ولا بد . وقيل : المراد أنه يحل بهم في القيامة ، فيكون ذلك أنكى لهم لفضيحتهم بين الأولين والآخرين ، ويكون ذلك أول ما عجل لهم من العذاب . وهذا إذا حمل طمس الوجوه على الحقيقة ، وإما إن أريد بذلك تغيير أحوال وجهائهم أو وجوه الهدى والرشد ، فقد وقع ذلك . وإن كان الطمس غير ذلك فقد حصل اللعن ، فإنهم ملعونون بكل لسان . وتعليق الإيمان بقبلية أحد أمرين لا يلزم منه وقوعهما ، بل متى وقع أحدهما صح التعليق ، ولا يلزم من ذلك تعيين أحدهما . وقيل : الوعيد مشروط بالإيمان ، وقد آمن منهم ناس . و ( من قبل ) متعلق بـ ( آمنوا ) ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47على أدبارها ) متعلق بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47فنردها .
وقال
أبو البقاء : على أدبارها حال من ضمير الوجوه ، والضمير المنصوب في (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47نلعنهم ) .
قيل : عائد على الوجوه إن أريد به الوجهاء ، أو عائد على أصحاب الوجوه ، لأن المعنى : من قبل أن نطمس وجوه قوم ، أو على الذين أوتوا الكتاب على طريق الالتفات ، وهذا عندي أحسن . ومحسن هذا الالتفات هو أنه تعالى لما ناداهم كان ذلك تشريفا لهم ، وهز السماع ما يلقيه إليهم ، ثم ألقى إليهم الأمر بالإيمان بما نزل ، ثم ذكر أن الذي نزل هو مصدق لما معهم من كتاب ، فكان ذلك أدعى إلى الإيمان ، ثم ذكر هذا الوعيد البالغ فحذف المضاف إليه من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47من قبل أن نطمس وجوها [ ص: 268 ] والمعنى : وجوهكم ، ثم عطف عليه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47أو نلعنهم ، فأتى بضمير الغيبة ، لأن الخطاب حين كان الوعيد بطمس الوجوه وباللعنة ليس لهم ليبقى التأنيس والهم والاستدعاء إلى الإيمان غير مشوب بمفاجأة الخطاب الذي يوحش السامع ويروع القلب ويصير أدعى إلى عدم القبول ، وهذا من جليل المخاطبة . وبديع المحاورة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47وكان أمر الله مفعولا ) الأمر هنا واحد الأمور ، واكتفى به لأنه دال على الجنس ، وهو عبارة عن المخلوقات : كالعذاب ، واللعنة ، والمغفرة . وقيل : المراد به المأمور ، مصدر وقع موقع المفعول ، والمعنى : الذي أراده أوجده . وقيل : معناه أن كل أمر أخر تكوينه فهو كائن لا محالة والمعنى : أنه تعالى لا يتعذر عليه شيء يريد أن يفعله . وقال : وكان إخبارا عن جريان عادة الله في تهديده الأمم السالفة ، وأن ذلك واقع لا محالة ، فاحترزوا وكونوا على حذر من هذا الوعيد . ولذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ولا بد أن يقع أحد الأمرين إن لم يؤمنوا ، يعني الطمس واللعنة .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=50انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=51أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=52أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=53أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=55فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=56إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا طَمَسَ : مُتَعَدٍّ وَلَازِمٌ . تَقُولُ : طَمَسَ الْمَطَرُ الْأَعْلَامَ ، أَيْ : مَحَا آثَارَهَا ، وَطُمِسَتِ الْأَعْلَامُ دَرَسَتْ ، وَطَمَسَ الطَّرِيقُ دَرَسَ وَعَفَتْ أَعْلَامُهُ ، قَالَهُ
أَبُو زَيْدٍ . وَمِنَ
[ ص: 266 ] الْمُتَعَدِّي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=8فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ) أَيِ اسْتُؤْصِلَتْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=88اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ أَيْ أَذْهِبْهَا كُلِّيَّةً ، وَأَعْمَى مَطْمُوسٌ ، أَيْ : مَسْدُودُ الْعَيْنَيْنِ . وَقَالَ
كَعْبٌ :
مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إِذَا عَرِقَتْ عُرْضَتُهَا طَامِسُ الْأَعْلَامِ مَجْهُولُ
وَالطَّمْسُ وَالطَّسْمُ وَالطَّلْسُ وَالدَّرْسُ كُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَعْنَى . الْفَتِيلُ : فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ . فَقِيلَ : هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي فِي شِقِّ نَوَاةِ التَّمْرَةِ . وَقِيلَ : مَا خَرَجَ مِنَ الْوَسَخِ مِنْ بَيْنِ كَفَّيْكَ وَأُصْبُعَيْكَ إِذَا فَتَلْتَهُمَا . الْجِبْتُ : اسْمٌ لِصَنَمٍ ثُمَّ صَارَ مُسْتَعْمَلًا لِكُلِّ بَاطِلٍ ، وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ فِيهِ أَقَاوِيلُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى مَا سَيَأْتِي . وَقَالَ
قُطْرُبٌ : الْجِبْتُ الْجِبْسُ ، وَهُوَ الَّذِي لَا خَيْرَ عِنْدَهُ ، قُلِبَتِ السِّينُ تَاءً . قِيلَ : وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ الْجِبْتَ مُهْمَلٌ . النَّقِيرُ : النُّقْطَةُ الَّتِي عَلَى ظَهْرِ النَّوَاةِ مِنْهَا تَنْبُتُ النَّخْلَةُ قَالَهُ :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : هُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي فِي وَسَطِهَا . النُّضْجُ : أَخْذُ الشَّيْءِ فِي التَّهَرِّي وَتَفَرَّقُ أَجْزَائِهِ ، وَمِنْهُ نُضْجُ اللَّحْمِ ، وَنُضْجُ الثَّمَرَةِ . يُقَالُ : نَضِجَ الشَّيْءُ يَنْضَجُ نُضْجًا وَنِضَاجًا . الْجِلْدُ مَعْرُوفٌ .
(
nindex.php?page=treesubj&link=28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ ) دَعَا رَسُولُ اللَّهِ أَحْبَارَ الْيَهُودِ مِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ بْنُ صُورِيَا إِلَى الْإِسْلَامِ وَقَالَ لَهُمْ : ( إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي جِئْتُ بِهِ حَقٌّ ) فَقَالُوا : مَا نَعْرِفُ ذَلِكَ ، فَنَزَلَتْ . قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ . وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا رَجَّاهُمْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=46وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا ) الْآيَةَ . خَاطَبَ مَنْ يُرْجَى إِيمَانُهُ مِنْهُمْ بِالْأَمْرِ بِالْإِيمَانِ ، وَقَرَنَ بِالْوَعِيدِ الْبَالِغِ عَلَى تَرْكِهِ لِيَكُونَ أَدْعَى لَهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِهِ ، ثُمَّ أَزَالَ خَوْفَهُمْ مِنْ سُوءِ الْكَبَائِرِ السَّابِقَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ) الْآيَةَ . وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ تَزْكِيَتَهُمْ أَنْفُسَهُمْ بِمَا لَمْ يُزَكِّهِمْ بِهِ اللَّهُ لَا يَنْفَعُ .
وَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ هُنَا الْيَهُودُ ، وَالْكِتَابُ التَّوْرَاةُ قَالَهُ : الْجُمْهُورُ ، أَوِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَهُ :
الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ . وَالْكِتَابُ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47بِمَا نَزَّلْنَا هُوَ الْقُرْآنُ بِلَا خِلَافٍ ، وَلِمَا مَعَكُمْ مِنْ شَرْعٍ وَمِلَّةٍ لَا لِمَا مَعَهُمْ مِنْ مُبَدَّلٍ وَمُغَيَّرٍ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا . قَرَأَ الْجُمْهُورُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47نَطْمِسَ بِكَسْرِ الْمِيمِ . وَقَرَأَ
أَبُو رَجَاءٍ : بِضَمِّهَا . وَهُمَا لُغَتَانِ ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُرَادَ بِالْوُجُوهِ مَدْلُولُهَا الْحَقِيقِيُّ ، وَأَمَّا طَمْسُهَا فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16574وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ : هُوَ أَنْ تُزَالَ الْعَيْنَانِ خَاصَّةً مِنْهَا وَتُرَدَّ فِي الْقَفَا ، فَيَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا عَلَى الدُّبُرِ وَيَمْشِي الْقَهْقَرَى . وَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ : مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ عُيُونَ وُجُوهٍ ، وَلَا يُرَادُ بِذَلِكَ مُطْلَقُ وُجُوهٍ ، بَلِ الْمَعْنَى وُجُوهُكُمْ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : طَمْسُ الْوُجُوهِ أَنْ يُعَفَّى آثَارُ الْحَوَاسِّ مِنْهَا فَتَرْجِعَ كَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ فِي الْخُلُوِّ مِنْ آثَارِ الْحَوَاسِّ مِنْهَا ، وَالرَّدُّ عَلَى الْأَدْبَارِ هُوَ بِالْمَعْنَى أَيْ : خُلُوُّهُ مِنَ الْحَوَاسِّ دَثِرَ الْوَجْهُ لِكَوْنِهِ عَابِرًا بِهَا ، وَحَسَّنَ هَذَا الْقَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَجَوَّزَهُ وَأَوْضَحَهُ ، فَقَالَ : أَنْ
[ ص: 267 ] نَطْمِسَ وُجُوهًا ، أَيْ : نَمْحُوَ تَخْطِيطَ صُوَرِهَا مِنْ عَيْنٍ وَحَاجِبٍ وَأَنْفٍ وَفَمٍ ، فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا ، فَنَجْعَلَهَا عَلَى هَيْئَةِ أَدْبَارِهَا وَهِيَ الْأَقْفَاءُ ، مَطْمُوسَةً مِثْلَهَا . وَالْفَاءُ لِلتَّسْبِيبِ ، وَإِنْ جَعَلْتَهَا لِلتَّعْقِيبِ عَلَى أَنَّهُمْ تُوُعِّدُوا بِالْعِقَابَيْنِ أَحَدُهُمَا عَقِيبَ الْآخَرِ رَدُّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا بَعْدَ طَمْسِهَا ، فَالْمَعْنَى : أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنُنَكِّسَهَا ، الْوُجُوهُ إِلَى خَلْفُ ، وَالْأَقْفَاءُ إِلَى قُدَّامُ انْتَهَى . وَالطَّمْسُ بِمَعْنَى الْمَحْوِ الَّذِي ذَكَرَهُ - مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَاخْتَارَهُ الْقُتَبِيُّ . وَقَالَ
قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ : مَعْنَاهُ نُعْمِي أَعْيُنَهَا . وَذَكَرَ الْوُجُوهَ وَأَرَادَ الْعُيُونَ ، لِأَنَّ الطَّمْسَ مِنْ نُعُوتِ الْعَيْنِ . قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=37فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ) . وَيُرْوَى هَذَا أَيْضًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : طَمْسُ الْوُجُوهِ جَعْلُهَا مَنَابِتَ لِلشَّعْرِ كَوُجُوهِ الْقِرَدَةِ . وَقِيلَ : رَدُّهَا إِلَى صُورَةٍ بَشِعَةٍ كَوُجُوهِ الْخَنَازِيرِ وَالْقِرَدَةِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وَالْحَسَنُ : ذَلِكَ تَجَوُّزٌ ، وَالْمُرَادُ وُجُوهُ الْهُدَى وَالرُّشْدِ ، وَطَمْسُهَا حَتْمُ الْإِضْلَالِ وَالصَّدِّ عَنْهَا ، وَالرَّدُّ عَلَى الْأَدْبَارِ التَّصْيِيرُ إِلَى الْكُفْرِ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : الْوُجُوهُ هِيَ أَوْطَانُهُمْ وَسُكْنَاهُمْ فِي بِلَادِهِمُ الَّتِي خَرَجُوا إِلَيْهَا ، وَطَمْسُهَا إِخْرَاجُهُمْ مِنْهَا . وَالرَّدُّ عَلَى الْأَدْبَارِ رُجُوعُهُمْ إِلَى الشَّامِ مِنْ حَيْثُ أَتَوْا أَوَّلًا . وَحَسَّنَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ هَذَا الْقَوْلَ ، فَقَالَ : وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُرَادَ بِالطَّمْسِ الْقَلْبُ وَالتَّغْيِيرُ ، كَمَا طَمَسَ أَمْوَالَ الْقِبْطِ فَقَلَبَهَا حِجَارَةً ، وَبِالْوُجُوهِ رُءُوسُهُمْ وَوُجَهَاؤُهُمْ أَيْ : مِنْ قَبْلِ أَنْ نُغَيِّرَ أَحْوَالَ وُجَهَائِهِمْ فَنَسْلُبَهُمْ إِقْبَالَهُمْ وَوَجَاهَتَهُمْ ، وَتَكْسُوهَا صِغَارُهُمْ وَأَدْبَارُهُمْ ، أَوْ نَرُدُّهُمْ إِلَى حَيْثُ جَاءُوا مِنْهُ . وَهِيَ أَذْرِعَاتُ الشَّامِ ، يُرِيدُ إِجْلَاءَ بَنِي النَّضِيرِ انْتَهَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47أَوْ نَلْعَنَهُمْ ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ : أَنْ نَطْمِسَ . وَظَاهِرُ اللَّعْنَةِ هُوَ الْمُتَعَارَفُ كَمَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=60مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ) . وَقَالَ
الْحَسَنُ : مَعْنَاهُ نَمْسَخُهُمْ كَمَا مَسَخْنَا أَصْحَابَ السَّبْتِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : هُمْ أَصْحَابُ أَيْلَةَ الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي السَّبْتِ بِالصَّيْدِ ، وَكَانَتْ لَعْنَتُهُمْ أَنْ مُسِخُوا خَنَازِيرَ وَقِرْدَةً . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ نَهِيمُهُمْ فِي التِّيهِ حَتَّى يَمُوتَ أَكْثَرُهُمْ .
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ : مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ أَوْ نَلْعَنَ - أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا . وَلِذَلِكَ رُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ لَمَّا سَمِعَ هَذِهِ الْآيَةَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ وَيَدُهُ عَلَى وَجْهِهِ فَأَسْلَمَ وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كُنْتُ أَرَى أَنْ أَصِلَ إِلَيْكَ حَتَّى يُحَوَّلَ وَجْهِي فِي قَفَايَ . وَقَالَ
مَالِكٌ : كَانَ إِسْلَامُ كَعْبِ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ مَرَّ بِرَجُلٍ مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ ، فَوَضَعَ كَفَّهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَجَعَ الْقَهْقَرَى إِلَى بَيْتِهِ فَأَسْلَمَ مَكَانَهُ ، وَقَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ خِفْتُ أَنْ لَا أَبْلُغُ بَيْتِي حَتَّى يُطْمَسَ وَجْهِي . وَقِيلَ : الطَّمْسُ الْمَسْخُ لِلْيَهُودِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا بُدَّ . وَقِيلَ : الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحِلُّ بِهِمْ فِي الْقِيَامَةِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَنَكَى لَهُمْ لِفَضِيحَتِهِمْ بَيْنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا عُجِّلَ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ . وَهَذَا إِذَا حُمِلَ طَمْسُ الْوُجُوهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ ، وَإِمَّا إِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ تَغْيِيرُ أَحْوَالِ وُجَهَائِهِمْ أَوْ وُجُوهِ الْهُدَى وَالرُّشْدِ ، فَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ . وَإِنْ كَانَ الطَّمْسُ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ حَصَلَ اللَّعْنُ ، فَإِنَّهُمْ مَلْعُونُونَ بِكُلِّ لِسَانٍ . وَتَعْلِيقُ الْإِيمَانِ بِقَبْلِيَّةِ أَحَدِ أَمْرَيْنِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ وُقُوعُهُمَا ، بَلْ مَتَى وَقَعَ أَحَدُهُمَا صَحَّ التَّعْلِيقُ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَعْيِينُ أَحَدِهِمَا . وَقِيلَ : الْوَعِيدُ مَشْرُوطٌ بِالْإِيمَانِ ، وَقَدْ آمَنَ مِنْهُمْ نَاسٌ . وَ ( مِنْ قَبْلُ ) مُتَعَلِّقٌ بِـ ( آمَنُوا ) ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47عَلَى أَدْبَارِهَا ) مُتَعَلِّقٌ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47فَنَرُدَّهَا .
وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : عَلَى أَدْبَارِهَا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْوُجُوهِ ، وَالضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47نَلْعَنَهُمْ ) .
قِيلَ : عَائِدٌ عَلَى الْوُجُوهِ إِنْ أُرِيدَ بِهِ الْوُجَهَاءُ ، أَوْ عَائِدٌ عَلَى أَصْحَابِ الْوُجُوهِ ، لِأَنَّ الْمَعْنَى : مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهَ قَوْمٍ ، أَوْ عَلَى الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ عَلَى طَرِيقِ الِالْتِفَاتِ ، وَهَذَا عِنْدِي أَحْسَنُ . وَمُحَسِّنُ هَذَا الِالْتِفَاتِ هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا نَادَاهُمْ كَانَ ذَلِكَ تَشْرِيفًا لَهُمْ ، وَهَزَّ السَّمَاعِ مَا يُلْقِيهِ إِلَيْهِمْ ، ثُمَّ أَلْقَى إِلَيْهِمُ الْأَمْرَ بِالْإِيمَانِ بِمَا نَزَلَ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الَّذِي نَزَلَ هُوَ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ مِنْ كِتَابٍ ، فَكَانَ ذَلِكَ أَدْعَى إِلَى الْإِيمَانِ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْوَعِيدَ الْبَالِغَ فَحَذَفَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا [ ص: 268 ] وَالْمَعْنَى : وُجُوهَكُمْ ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47أَوْ نَلْعَنَهُمْ ، فَأَتَى بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ ، لِأَنَّ الْخِطَابَ حِينَ كَانَ الْوَعِيدُ بِطَمْسِ الْوُجُوهِ وَبِاللَّعْنَةِ لَيْسَ لَهُمْ لِيَبْقَى التَّأْنِيسُ وَالْهَمُّ وَالِاسْتِدْعَاءُ إِلَى الْإِيمَانِ غَيْرَ مَشُوبٍ بِمُفَاجَأَةِ الْخِطَابِ الَّذِي يُوحِشُ السَّامِعَ وَيُرَوِّعُ الْقَلْبَ وَيَصِيرُ أَدْعَى إِلَى عَدَمِ الْقَبُولِ ، وَهَذَا مِنْ جَلِيلِ الْمُخَاطَبَةِ . وَبَدِيعِ الْمُحَاوَرَةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=47وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ) الْأَمْرُ هُنَا وَاحِدُ الْأُمُورِ ، وَاكْتَفَى بِهِ لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْجِنْسِ ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَخْلُوقَاتِ : كَالْعَذَابِ ، وَاللَّعْنَةِ ، وَالْمَغْفِرَةِ . وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِهِ الْمَأْمُورُ ، مَصْدَرٌ وَقَعَ مَوْقِعُ الْمَفْعُولِ ، وَالْمَعْنَى : الَّذِي أَرَادَهُ أَوْجَدَهُ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ أُخِّرَ تَكْوِينُهُ فَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ . وَقَالَ : وَكَانَ إِخْبَارًا عَنْ جَرَيَانِ عَادَةِ اللَّهِ فِي تَهْدِيدِهِ الْأُمَمَ السَّالِفَةَ ، وَأَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ ، فَاحْتَرِزُوا وَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِنْ هَذَا الْوَعِيدِ . وَلِذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا ، يَعْنِي الطَّمْسَ وَاللَّعْنَةَ .