الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  ( باب المنان بما أعطى ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان ذم المنان بما أعطى ، أي : بما أعطاه ، وإنما قدرنا هكذا ; لأن لفظ المنان يشعر بالذم ; لأنه لا يذكر إلا في موضع الذم في حق بني آدم ، ولهذا قال تعالى : لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى فإذا كان المن مبطلا للصدقات يكون من الأشياء الذميمة ، قال ابن بطال : الامتنان مبطل لأجر الصدقة . قال تعالى : لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى وقال القرطبي : لا يكون المن غالبا إلا عن البخل والكبر والعجب ونسيان منة الله تعالى فيما أنعم عليه ، فالبخيل تعظم في نفسه العطية ، وإن كانت حقيرة في نفسها ، والعجب يحمله على النظر لنفسه بعين العظمة ، وأنه منعم بماله على المعطى ، والكبر يحمله على أن يحقر المعطى له وإن كان في نفسه فاضلا ، وموجب ذلك كله الجهل ونسيان منة الله تعالى فيما أنعم عليه ، ولو نظر مصيره لعلم أن المنة للآخذ لما يزيل عن المعطي من إثم المنع وذم المانع ، ولما يحصل له من الأجر الجزيل والثناء الجميل ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوعيد الشديد في حق المنان فيما رواه مسلم من حديث أبي ذر - رضي الله تعالى عنه - : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة : المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منة ، والمنفق سلعته بالحلف ، والمسبل إزاره " .

                                                                                                                                                                                  وفي الباب أيضا ، عن ابن مسعود وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما وأبي أمامة بن ثعلبة وعمران بن حصين ومعقل بن يسار .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : لم يذكر البخاري في هذا الباب حديثا .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : كأنه لم يتفق له حديث على شرطه ، فلذلك اكتفى بذكر الآية المذكورة .

                                                                                                                                                                                  وفي التلويح والذي يقارب شرطه حديث أبي ذر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي ذكرناه ، وقال بعضهم : كأنه أشار إلى ما رواه مسلم من حديث أبي ذر مرفوعا .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : هذا كلام غير موجه ; لأنه كيف يشير إلى شيء ليس بموجود ، والإشارة إنما تكون للحاضر ، ولهذا لم تثبت هذه الترجمة إلا في رواية الكشميهني وحده بغير حديث .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية