الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: للذين أحسنوا يعني عبادة ربهم. الحسنى وزيادة فيه خمسة تأويلات: أحدها: أن الحسنى الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الله تعالى. وهذا قول [ ص: 433 ] أبي بكر الصديق وحذيفة بن اليمان وأبي موسى الأشعري. والثاني: أن الحسنى واحدة من الحسنات ، والزيادة مضاعفتها إلى عشر أمثالها ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أن الحسنى حسنة مثل حسنة. والزيادة مغفرة ورضوان ، قاله مجاهد . والرابع: أن الحسنى الجزاء في الآخرة والزيادة ما أعطوا في الدنيا ، قاله ابن زيد . والخامس: أن الحسنى الثواب ، والزيادة الدوام ، قاله ابن بحر . ويحتمل سادسا: أن الحسنى ما يتمنونه ، والزيادة ما يشتهونه. ولا يرهق وجوههم قتر في معنى يرهق وجهان: أحدهما: يعلو.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يلحق ، ومنه قيل غلام مراهق إذا لحق بالرجال. وفي قوله تعالى: قتر أربعة أوجه: أحدها: أنه سواد الوجوه ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه الحزن ، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنه الدخان ومنه قتار اللحم وقتار العود وهو دخانه ، قاله ابن بحر .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أنه الغبار في محشرهم إلى الله تعالى ، ومنه قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        متوج برداء الملك يتبعه موج ترى فوقه الرايات والقترا



                                                                                                                                                                                                                                        ولا ذلة فيها ها هنا وجهان: أحدهما: الهوان.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: الخيبة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية