الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون

                                                                                                                                                                                                                                        (124) يقول تعالى: مبينا حال المنافقين، وحال المؤمنين عند نزول القرآن، وتفاوت ما بين الفريقين، فقال: وإذا ما أنزلت سورة فيها الأمر، والنهي، والخبر [ ص: 695 ] عن نفسه الكريمة، وعن الأمور الغائبة، والحث على الجهاد.

                                                                                                                                                                                                                                        فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا أي: حصل الاستفهام، لمن حصل له الإيمان بها من الطائفتين.

                                                                                                                                                                                                                                        قال تعالى -مبينا الحال الواقعة-: فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا بالعلم بها، وفهمها، واعتقادها، والعمل بها، والرغبة في فعل الخير، والانكفاف عن فعل الشر.

                                                                                                                                                                                                                                        وهم يستبشرون أي: يبشر بعضهم بعضا بما من الله عليهم من آياته، والتوفيق لفهمها والعمل بها. وهذا دال على انشراح صدورهم لآيات الله، وطمأنينة قلوبهم، وسرعة انقيادهم لما تحثهم عليه.

                                                                                                                                                                                                                                        (125) وأما الذين في قلوبهم مرض أي: شك ونفاق فزادتهم رجسا إلى رجسهم أي: مرضا إلى مرضهم، وشكا إلى شكهم، من حيث إنهم كفروا بها، وعاندوها وأعرضوا عنها، فازداد لذلك مرضهم، وترامى بهم إلى الهلاك ( و ) الطبع على قلوبهم، حتى " ماتوا وهم كافرون " .

                                                                                                                                                                                                                                        وهذا عقوبة لهم، لأنهم كفروا بآيات الله وعصوا رسوله، فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه.

                                                                                                                                                                                                                                        (126) قال تعالى -موبخا لهم على إقامتهم على ما هم عليه من الكفر والنفاق-: أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين بما يصيبهم من البلايا والأمراض، وبما يبتلون من الأوامر الإلهية التي يراد بها اختبارهم.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم لا يتوبون عما هم عليه من الشر ولا هم يذكرون ما ينفعهم، فيفعلونه، وما يضرهم، فيتركونه.

                                                                                                                                                                                                                                        فالله تعالى يبتليهم -كما هي سنته في سائر الأمم- بالسراء والضراء وبالأوامر والنواهي ليرجعوا إليه، ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون.

                                                                                                                                                                                                                                        وفي هذه الآيات دليل على أن الإيمان يزيد وينقص، وأنه ينبغي للمؤمن، أن يتفقد إيمانه ويتعاهده، فيجدده وينميه، ليكون دائما في صعود.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله :

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية