الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
الخامس

في أقسامه

وهو ينقسم باعتبارات :

الأول

أنه إما أن يشبه بحرف ، أو لا .

وتشبيه الحرف ضربان :

أحدهما : يدخل عليه حرف التشبيه فقط ؛ كقوله تعالى : مثل نوره كمشكاة ( النور : 35 ) وقوله : وله الجواري المنشآت في البحر كالأعلام ( الرحمن : 24 ) .

فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ( الرحمن : 37 ) .

خلق الإنسان من صلصال كالفخار ( الرحمن : 14 ) .

وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون ( الواقعة : 22 - 23 ) .

وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ( الحديد : 21 ) .

[ ص: 470 ] وثانيها : أن يضاف إلى حرف التشبيه حرف مؤكد ؛ ليكون ذلك علما على قوة التشبيه وتأكيده ، كقوله تعالى :كأنهن الياقوت والمرجان ( الرحمن : 58 ) .

كأنهن بيض مكنون ( الصافات : 49 ) .

وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة ( الأعراف : 171 ) .

تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر ( القمر : 20 ) .

كأنهم أعجاز نخل خاوية ( الحاقة : 7 ) .

فإن قيل : كيف استرسل أهل الجنة ، وقوله تعالى : كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ( البقرة : 25 ) ولا شك أنه ليس به ، واحترزت بلقيس فقالت : كأنه هو ( النمل : 42 ) ولم تقل : هو هو ؟

قيل : أهل الجنة وثقوا بأن الغرض مفهوم ، وأن أحدا لا يعتقد في الحاضر أنه عين المستهلك الماضي ، وأما بلقيس فالتبس عليها الأمر وظنت أنه يشبهه ؛ لأنها بنت على العادة ، وهو أن السرير لا ينتقل من إقليم إلى آخر في طرفة عين .

وأما التشبيه بغير حرف فيقصد به المبالغة ؛ تنزيلا للثاني منزلة الأول تجوزا كقوله : وأزواجه أمهاتهم ( الأحزاب : 6 ) .

وقوله : وسراجا منيرا ( الأحزاب : 6 ) .

وقوله : وجنة عرضها السماوات والأرض ( آل عمران : 133 ) .

وكذلك : تمر مر السحاب ( النمل : 88 ) .

وجعل الفارسي منه قوله تعالى : قوارير قوارير من فضة ( الإنسان : 15 - 16 ) أي : كأنها في بياضها من فضة ، فهو على التشبيه لا على أن القوارير من فضة ، بدليل قوله : بكأس من معين بيضاء ( الصافات : 45 - 46 ) فقوله : ( بيضاء ) مثل قوله : من فضة

التالي السابق


الخدمات العلمية