الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان المعلوم من السياق أن المراد من حديثهم ما حصل لهم [ ص: 364 ] من البطش لتكذيب الرسل لا سيما في البعث الذي السياق له، وكان الواقع من بيانه بآيات موسى وصالح عليهما الصلاة والسلام أبين مما وقع بآيات غيرهم ممن تقدم زمنه على هذه الأزمنة، وكانت أمة كل نبي من النبيين وأتباع فرعون تحوي أصنافا من الخلق كثيرة، حكي أن طليعته يوم تبع بني إسرائيل وغرق كانت ستمائة ألف، أبدل من "الجنود" إعلاما بأنهم أعداء الله قوله: فرعون وكذا أتباعه الذين كانوا أشد أهل زمانهم وأعتاهم وأكثرهم رعونة في دعوى الإلهية منه والتصديق منهم وكان هذا من عماوة قلوبهم مع ظهور علامات الربوبية السماوية والأرضية، والرسوخ في التكذيب والسفه والخفة والطيش مع رؤية تلك الآيات العظيمة على كثرتها وطول زمنها حتى دخل البحر على أمان من الغرق مع أن خطر الغرق به في تلك الحالة لم يكن يخفى على من له أدنى مسكة من عقله فأغرقه الله ومن معه أجمعين ولم يبق منهم أحدا، فلعنة الله عليه وعلى من كان معه من أتباعه وأتباعهم الطائفة الاتحادية العربية الفارضية الذين يكفي في ظهور كفرهم تصويبهم فرعون الذي أجمع على كفره جميع الفرق وثمود الذين حملتهم الخفة [ ص: 365 ] على أن عقروا الناقة بعد رؤيتهم إياها تتكون من الصخرة الصماء غير مجوزين أن الذي خرق العادة بإخراجها ذلك يهلكهم في شأنها، وقد جمع سبحانه بهما بين العرب والعجم والإهلاك بالماء الذي هو حياة كل شيء والصيحة التي هي أمارة الساعة، وإنما كانت آياتهما أبين لأن آية ثمود ناقة خرجت من صخرة صماء، ومن آيات موسى عليه الصلاة والسلام إبداع القمل الذي لا يحصى كثرة من الكثبان، وإبداع الضفادع كذلك والجراد وإحياء العصا مرة أخرى، ولا شك عند عاقل أن من قدر على ذلك ابتداء من شيء لا أصل في الحياة فهو على إعادة ما كان قبل ذلك حيا أشد قدرة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية