الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 446 ] الباب الثالث .

                                                                                                                في التوابع ، وهي ستة .

                                                                                                                التابع الأول : تمييز الفسخ بطلاق أو بغيره :

                                                                                                                وفي الكتاب : أكثر الرواة يقولون : كل نكاح للولي وأحد الزوجين أو غيرهما إمضاؤه وفسخه ، يفسخ بطلقة بائنة ، ويتوارثان قبل الفسخ لقبوله للصحة كالمتزوجة بغير إذن وليها ، فيطلقها الزوج أو يخالعها قبل الإجازة فينفذ ذلك .

                                                                                                                ويقولون : كل نكاح كانا مغلوبين على فسخه كالشغار ونكاح المريض والمحرم وفاسد الصداق أو عديمه وأدرك قبل البناء ، وعقد المرأة على نفسها أو غيرها أو العبد على غيره ، يفسخ قبل البناء وبعده بغير طلاق ، وكل ما فسخ بعده لهما فساده في عقده ففيه المسمى ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - في المتزوجة بغير ولي : ( فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب ) وكل ما فسخ قبل البناء فلا صداق فيه ، وترده إن قبضته ; لأن حقيقة الفسخ رد كل واحد من العوضين لصاحبه ، قال ابن يونس : قال غيره : في المخالعة على مال ترده ; لأن للولي فسخه كالمخالعة يطلع على عيب يوجب الرد ، [ ص: 447 ] تمضي المخالعة ، ويرد المال ، قال اللخمي : إذا زوج رجل أو امرأة بغير أمرها ، وعلم بقرب العقد كان بالخيار بالإجازة ، والرد ، ويفسخ بغير طلاق لعدم العقد ولم يجد خلافا .

                                                                                                                قال ابن القاسم : والرد بالعيب طلاق ، وقال الأبهري : ترد المجنونة والمجذومة بغير طلاق ، كقول ( ش ) في العيوب ، قال : وعلى هذا إذا كان العيب بالزوج يكون بغير طلاق ، وإنما زاد الوكيل على ما قاله الموكل من الصداق ولم يرض ، قال ابن القاسم : يفسخ بطلاق ، وقال غيره : بغير طلاق ، قال الأبهري : نكاح العبد يفسخ بغير طلاق .

                                                                                                                وإذا كان الفساد في العقد قيل : فيه صداق المثل استيفاء المنفعة بغير عقد شرعي ، وفي الجواهر : آخر قول ابن القاسم لرواية بلغته عن مالك : أن ما نصه الله تعالى على منعه أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا يختلف فيه يفسخ بغير طلاق ، وكل ما اختلف الناس في إجازته ورده فسخ بطلاق ; لقبوله الصحة على قول ، وقاله في الكتاب وزاد إن طلق قبل الفسخ لا يلزم ، ولا يتوارثان .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الجواهر : وضابط ما يفسخ قبل البناء فقط : أن النكاح إن اتفق على فساده والمنع من الإقامة عليه فسخ قبل وبعد ، وإلا فالخلل إن كان في العقد فسخ قبل ، وفي فسخه بعد خلاف كنكاح المحرم والمريض أو في الصداق فثلاثة أقوال : قبل ، وبعد ، ولا يفسخ مطلقا ، والمشهور : قبل فقط .

                                                                                                                [ ص: 448 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : الذي يفسخ مطلقا يصح فيه اللعان ، ولحوق النسب فيه دون الظهار ، إلا أن يريد : إن تزوجتك ; لعدم الزوجية ، ويلزم الإيلاء إن تزوجها كالأجنبية .

                                                                                                                تمهيد : للشرع في هذا الفصل مطلوبان : إبطال العقد المنهي عنه لما تضمنه من الفساد ، فلذلك أمر بالفسخ ، والحل للزوج الثاني ، ولذلك شرع في الفسخ الطلاق ليحصل اليقين بالحل فحيث يمكن الفساد إما بتنصيص الشارع أو بالمنع من اختيار الإمضاء أو بالإجماع ظهر ليحل الثاني بدون الطلاق ، فلا يشرع الطلاق لئلا ينقص الملك بغير فائدة ، وحيث لم يتمكن الفساد لوجود الخلاف أو التمكن من الإمضاء تعين الاحتياط ليحل لوجود أمارة قبول العقد للصحة ، فلا يضر نقصان الملك ; لأن الزوج أدخل ذلك على نفسه مع أن الاحتياط للإبضاع أولى من الأملاك ، وكذلك تخصيص الفسخ قبل الدخول نظرا لخفة الفساد فتأكد الصحة بالدخول لأجل الاطلاع على العورتين ، وذهاب الحرمتين ، وارتفاع الجنابتين من جهة الزوجين .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية