الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6822 ) فصل : ويبدأ في قسمته بين العاقلة بالأقرب فالأقرب ، يقسم على الإخوة وبنيهم ، والأعمام وبنيهم ، ثم أعمام الأب ثم بنيهم ، ثم أعمام الجد ، ثم بنيهم ، كذلك أبدا ، حتى إذا انقرض المناسبون ، فعلى المولى المعتق ، ثم على عصباته ، ثم على مولى المولى ، ثم على عصباته ، الأقرب فالأقرب ، كالميراث سواء . وإن قلنا : الآباء والأبناء من العاقلة ، بدئ [ ص: 308 ] بهم ; لأنهم أقرب .

                                                                                                                                            ومتى اتسعت أموال قوم للعقل ، لم يعدهم إلى من بعدهم ; لأنه حق يستحق بالتعصيب ، فيقدم الأقرب فالأقرب ، كالميراث وولاية النكاح . وهل يقدم من يدلي بالأبوين على من يدلي بالأب ؟ على وجهين : أحدهما : يقدم ; لأنه يقدم في الميراث ، فقدم في العقل ، كتقديم الأخ على ابنه . والثاني ، يستويان ; لأن ذلك يستفاد بالتعصيب ، ولا أثر للأم في التعصيب . والأول أولى ، إن شاء الله تعالى ; لأن قرابة الأم تؤثر في الترجيح والتقديم وقوة التعصيب ، لاجتماع القرابتين على وجه لا تنفرد كل واحدة بحكم ، وذلك لأن القرابتين تنقسم إلى ما تنفرد كل واحدة منهما بحكم ، كابن العم إن كان أخا من أم ، فإنه يرث بكل واحدة من القرابتين ميراثا منفردا ، يرث السدس بالأخوة ، ويرث بالتعصيب ببنوة العم ، وحجب إحدى القرابتين لا يؤثر في حجب الأخرى ، فهذا لا يؤثر في قوة ولا ترجيح ، ولذلك لا يقدم ابن العم الذي هو أخ من أم على غيره ، وما لا ينفرد كل واحد منهما بحكم ، كابن العم من أبوين مع ابن عم من أب ، لا تنفرد إحدى القرابتين بميراث عن الأخرى ، فتؤثر في الترجيح وقوة التعصيب ; ولذلك أثرت في التقديم في الميراث ، فكذلك في غيره .

                                                                                                                                            وبما ذكرناه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة : يسوى بين القريب والبعيد ، ويقسم على جميعهم ; { لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل دية المقتولة على عصبة القاتلة } . ولنا ، أنه حكم تعلق بالتعصيب ، فوجب أن يقدم فيه الأقرب فالأقرب ، كالميراث ، والخبر لا حجة فيه ; لأننا نقسمه على الجماعة إذا لم يف به الأقرب ، فنحمله على ذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية