358 [ ص: 133 ] ( 8 ) باب . صلاة الضحى
329 - ذكر مالك فيه حديث أم هانئ من طريق موسى بن ميسرة ، عن أبي مرة ، عن ، أخبرته ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم هانئ بنت أبي طالب . صلى عام الفتح ثماني ركعات ، ملتحفا في ثوب واحد
330 - وذكر مالك ، عن ، أن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أبا مرة ، مولى عقيل بن أبي طالب ، أخبره أنه سمع [ ص: 134 ] تقول : أم هانئ بنت أبي طالب وفاطمة ابنته تستره بثوب . قالت : فسلمت عليه ، فقال : من هذه ؟ فقلت : . فقال : مرحبا " أم هانئ بنت أبي طالب " فلما فرغ من غسله ، قام فصلى ثماني ركعات ملتحفا في ثوب واحد ، ثم انصرف . فقلت : يا رسول الله زعم ابن أمي ; بأم هانئ علي ، أنه قاتل رجلا أجرته ، فلان بن هبيرة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ ، قالت أم هانئ : وذلك ضحى . ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح ، فوجدته يغتسل ،
التالي
السابق
[ ص: 135 ] 8267 - وقد ذكرنا في التمهيد أن الصحيح في أبي مرة ، أنه مولى عقيل كما قال مالك ، ولكنه يقال فيه : مولى أم هانئ ، واسمه يزيد .
8268 - واسم أم هانئ فاختة ، وقد ذكرناها في كتاب الصحابة بما ينبغي من ذكرها .
8269 - احتج بهذا الحديث : الكوفيون في جواز . صلاة النهار ثماني ركعات ، وأقل من ذلك وأكثر بلا فصل من سلام
8270 - وهذا الذي نزعوا به من هذا الحديث لا حجة لهم فيه لقوله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد أوضحنا هذا المعنى فيما مضى من كتابنا هذا . صلاة الليل والنهار مثنى مثنى
8271 - وقد روى ابن وهب ، عن عياض الفهري ، عن ، عن مخرمة بن سليمان كريب ، عن ، عن ابن عباس أم هانئ في هذا الحديث من صلاة الضحى أنه [ ص: 136 ] . صلى ثماني ركعات ، يسلم بين كل ركعتين منها
8272 - وقد احتج بهذا الإسناد ، . أحمد بن حنبل
8273 - قال الأثرم : قيل لأحمد : أليس قد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال : وقد روي أيضا أنه صلى قبل الظهر أربعا ، فتراه لم يسلم فيها . صلى الضحى ثمانيا
8274 - وذكر حديث ابن وهب هذا بإسناده ، عن ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم هانئ بنت أبي طالب . صلى الضحى ثماني ركعات ، يسلم بين كل ركعتين
8275 - وأما قوله : ملتحفا في ثوب واحد ، فقد مضى القول في الصلاة في الثوب الواحد فيما تقدم من هذا الكتاب ، ومضى تفسير الالتفاف والالتفاع والالتحاف فيما تقدم منه أيضا .
8276 - وأما حديثه في هذا الباب عن أبي النضر ، عن أبي مرة ، عن أم هانئ ، ففيه من الفقه : ; لأن اغتساله ذلك كان منه - صلى الله عليه وسلم - وهو الاغتسال بالعراء إلى سترة بالأبطح ، وفيه كان يومئذ نزوله .
8277 - حدثنا ، قال : حدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا [ ص: 137 ] قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الحميدي .
8278 - وحدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا محمد بن عبد السلام الحسيني ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني سفيان ، قال : حدثنا ، عن محمد بن عجلان ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري أبي مرة مولى عقيل ، أم هانئ قالت : أتاني يوم الفتح حموان لي فأجرتهما ، فجاء علي يريد قتلهما ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في قبته بالأبطح بأعلى مكة ، فوجدت فاطمة فأخبرتها ، فكانت أشد علي من علي ، فقالت : تؤمنين المشركين وتجيرينهم . فبينما أنا أكلمها إذ دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى وجهه وهج الغبار ، فقلت : يا رسول الله ، إني أمنت حموين لي وإن ابن أمي عليا يريد قتلهما ، فقال : ما كان ذلك له قد أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت ، ثم أمر فاطمة أن تسكب له غسلا ، فسكبت له في جفنة إني لأرى فيها أثر العجين ، ثم سترت عليه ، فاغتسل ، فقام فصلى الضحى ثماني ركعات في ثوب واحد قد خالف بين طرفيه ، لم أره صلاها قبل ولا بعد . عن
[ ص: 138 ] 8278 - وفيه أن مباح حسن . ستر ذوي المحارم عند الاغتسال
8279 - وفيه جواز ، وفي حكم ذلك السلام على من يغتسل ، السلام على من يتوضأ في ذلك كرده لو لم تكن ذلك حالته ، وقد قال الله - عز وجل - : " ورد المتوضئ والمغتسل السلام وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها " [ النساء : 86 ] ولم يخص حالا من حال . إلا حالا لا يجوز فيه الكلام .
8280 - وقد احتج بهذا الحديث من رد وقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يميز صوت شهادة الأعمى أم هانئ مع علمه بها حتى قال لها : من هذه ؟ فقالت : أنا أم هانئ ، فلم يعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوتها ; لأنه لم يرها وكل من لا يرى فذلك أحرى .
8281 - وفيه ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأخلاق الجميلة الحسنة ، وصلة الرحم ، وطيب الكلام . ألا ترى إلى قوله عليه السلام " مرحبا " ويروى : مرحبا يا بأم هانئ أم هانئ . والرحب والتسهيل ما يستدل به على فرح المزور بالزائر ، وفرح المقصود إليه بالقاصد .
8282 - وهذا معلوم عند العرب ، قال شاعرهم :
8283 - وهذا البيت من أبيات حسان لعمرو بن الأهتم ، وهو الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ سمعه مدح الزبرقان بن بدر ، ثم ذمه لم يتناقض في قوله : " . إن من [ ص: 139 ] البيان لسحرا
[ ص: 140 ] 8284 - وقد ذكرت الشعر في كتاب " بهجة المجالس " ومثل هذا كثير في أشعارهم وأخبارهم . وقد تقدم القول في صلاة الثماني ركعات .
8285 - وأما قولها : زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجل أجرته فلان بن هبيرة ، ففيه : ما كانوا عليه من . تسمية كل شقيق بابن أم ، دون ابن أب عند الدعاء لهم
8286 - والخبر عنهم بذلك يدلك على قرب المحل من القلب ، والمنزلة من النفس ; إذ جميعهم بطن واحد ، ونحو هذا .
8287 - وبهذا نطق القرآن على لغتهم ، قال الله - عز وجل - حاكيا عن هارون بن عمران أخي موسى بن عمران : " ياابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي " [ طه : 94 ] و " ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " [ الأعراف : 150 ] وهما لأب وأم .
8288 - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : أم هانئ ، ففيه دليل على جواز قد أجرنا من أجرت يا ، وأنها إذا أمنت من أمنت حرم قتله وحقن دمه ، وأنها لا فرق بينها في ذلك وبين الرجل ، وإن لم يكن تقاتل . أمان المرأة
8289 - وعلى هذا مذهب جمهور الفقهاء بالحجاز والعراق : مالك ، ، والشافعي وأبي حنيفة ، وأصحابهم ، ، والثوري ، والأوزاعي ، وأبي ثور ، وأحمد بن حنبل وإسحاق ، وداود ، وغيرهم .
8290 - وقال : أمان المرأة موقوف على جواز الإمام ، [ ص: 141 ] فإن أجازه جاز ، وإن رده رد ; لأنها ليست ممن يقاتل ولا ممن لها سهم في الغنيمة . عبد الملك بن الماجشون
8291 - واحتج من ذهب هذا المذهب ، بأن أمان أم هانئ لو كان جائزا على كل حال دون إذن الإمام ، ما كان علي ليريد قتل من لا يجوز قتله ; لأمان من يجوز أمانه . فلو كان أمانها جائزا لقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أمنته أنت أو غيرك ، فلا يحل قتله ، فلما قال لها : ، كان ذلك دليلا على أن أمان المرأة موقوف على إجازة الإمام أو رده . قد أمنا من أمنت وأجرنا من أجرت
8292 - واحتج الآخرون ، وهم الأكثرون من العلماء ، بأن عليا وغيره لم يكن يعلم إلا ما علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من علم دينه . ألا ترى إلى قول : ابن عمر . بعث إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن لا نعلم شيئا ، فإنما نفعل كما رأيناه يفعل
8293 - ويحتمل قوله عليه السلام : ، أي في حكمنا وسنتنا إجارة من أجرته أنت ومثلك ، ولم يحتج إلى قوله لها : أو مثلك من النساء ; لأنه كان على خلق عظيم ، وأراد تطييب نفسها بإسعافها في رغبتها ، وإن كانت قد صادفت حكم الله في ذلك . قد أجرنا من أجرت
8294 - والدليل على صحة هذا التأويل ، قوله - صلى الله عليه وسلم - ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، ويرد عليهم أقصاهم ، وهم يد على من سواهم . المسلمون تتكافأ دماؤهم "
8295 - ومعنى قوله : " " : يريد أن شريفهم يقتل بوضيعهم إذا شملهم الإسلام ، وجمعهم الإيمان والحرية . تتكافأ دماؤهم
[ ص: 142 ] 8296 - وفي ذلك دليل على أن ; لقوله : " الكفار لا تتكافأ دماؤهم " ، وهذا موضع اختلف فيه العلماء . ليس هذا موضع ذكره . المسلمون تتكافأ دماؤهم
8297 - ومعنى قوله : " " أن كل مسلم أمن من الحربيين أحدا جاز أمانه دنيئا كان أو شريفا ، رجلا كان أو امرأة ، عبدا كان أو حرا ، وفي هذا حجة على من لم يجز أمان المرأة يسعى بذمتهم أدناهم . وأمان العبد
8298 - ومعنى قوله : " " يريد ويرد عليهم أقصاهم ، أبعدت في خروجها في ذلك ، ولم تبعد ترد ما غنمت عليها وعلى العسكر الذي خرجت منه ; لأن به وصلت إلى ما وصلت إليه . 8299 - ومعنى قوله : " السرية إذا خرجت من العسكر فغنمت " أن وهم يد على من سواهم ، فواجب على جماعة المسلمين أن يكونوا يدا واحدة على الكفار ; حتى ينصرفوا عنهم ، إلا أن يعلموا أن بهم قوة على مدافعتهم ، فيكون حينئذ مدافعتهم ندبا وفضلا لا واجب فرض . أهل الحرب إذا نزلوا بمدينة أو قرية من قرى المسلمين
8300 - ومما يدل على صحة ما ذهب إليه جمهور العلماء في جواز أمان المرأة مع قوله عليه السلام : " " قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ويسعى بذمتهم أدناهم أم هانئ هذا من رواية الحميدي ، عن ، عن ابن عيينة ، عن ابن عجلان ، عن سعيد المقبري أبي مرة ، عن أم هانئ . . . . . وقد ذكرناه في هذا الباب . وفيه : عليا أراد قتلهما ، فقال رسول الله : ليس ذلك له ، قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت . وفي قوله في هذا الحديث : ليس ذلك له [ ص: 143 ] دليل على صحة ما قلنا . وبالله التوفيق . فقلت يا رسول الله : إني أجرت حموين لي ، وإن ابن أمي
8301 - ويدل على ذلك أيضا ما رواه ، عن إبراهيم النخعي الأسود ، عن عائشة قالت : إن كانت المرأة لتجير على المسلمين فيجوز .
8302 - وحديث ، عن عمرو بن مرة أبي البختري ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : . ذمة المسلمين واحدة وإن جارت عليهم جارية فلا تخفروها ، فإن لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة
8303 - وقد ذكرنا إسناد هذين الحديثين في التمهيد .
8304 - وروى الوليد بن رباح ، عن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أبي هريرة " . يجير على المسلمين أدناهم
8305 - وقد ذكرنا إسناده أيضا في التمهيد .
8306 - وروى مالك ، عن ، عن عبد الله بن دينار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " ابن عمر " الحديث . يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة
[ ص: 144 ] 8307 - وأما اختلاف العلماء في أمان العبد ، فقال مالك ، ، وأصحابهما ، والشافعي ، والثوري ، والأوزاعي ، والليث بن سعد وأحمد ، وإسحاق ، ، وأبو ثور وداود : أمانه جائز قاتل أو لم يقاتل .
8308 - وهو قول محمد بن الحسن .
8309 - وقال أبو حنيفة : أمانه غير جائز إلا أن يقاتل .
8310 - وهو قول أبي يوسف .
8311 - وروي عن عمر معناه .
8312 - والحجة فيما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما أوردنا في هذا الباب . والحمد لله .
8313 - وأما قول أم هانئ في الحديث : " وذلك ضحى " ففيه . وليس في قول أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الضحى عائشة في هذا الباب .
8268 - واسم أم هانئ فاختة ، وقد ذكرناها في كتاب الصحابة بما ينبغي من ذكرها .
8269 - احتج بهذا الحديث : الكوفيون في جواز . صلاة النهار ثماني ركعات ، وأقل من ذلك وأكثر بلا فصل من سلام
8270 - وهذا الذي نزعوا به من هذا الحديث لا حجة لهم فيه لقوله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد أوضحنا هذا المعنى فيما مضى من كتابنا هذا . صلاة الليل والنهار مثنى مثنى
8271 - وقد روى ابن وهب ، عن عياض الفهري ، عن ، عن مخرمة بن سليمان كريب ، عن ، عن ابن عباس أم هانئ في هذا الحديث من صلاة الضحى أنه [ ص: 136 ] . صلى ثماني ركعات ، يسلم بين كل ركعتين منها
8272 - وقد احتج بهذا الإسناد ، . أحمد بن حنبل
8273 - قال الأثرم : قيل لأحمد : أليس قد روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال : وقد روي أيضا أنه صلى قبل الظهر أربعا ، فتراه لم يسلم فيها . صلى الضحى ثمانيا
8274 - وذكر حديث ابن وهب هذا بإسناده ، عن ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم هانئ بنت أبي طالب . صلى الضحى ثماني ركعات ، يسلم بين كل ركعتين
8275 - وأما قوله : ملتحفا في ثوب واحد ، فقد مضى القول في الصلاة في الثوب الواحد فيما تقدم من هذا الكتاب ، ومضى تفسير الالتفاف والالتفاع والالتحاف فيما تقدم منه أيضا .
8276 - وأما حديثه في هذا الباب عن أبي النضر ، عن أبي مرة ، عن أم هانئ ، ففيه من الفقه : ; لأن اغتساله ذلك كان منه - صلى الله عليه وسلم - وهو الاغتسال بالعراء إلى سترة بالأبطح ، وفيه كان يومئذ نزوله .
8277 - حدثنا ، قال : حدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا [ ص: 137 ] قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الحميدي .
8278 - وحدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا محمد بن عبد السلام الحسيني ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني سفيان ، قال : حدثنا ، عن محمد بن عجلان ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري أبي مرة مولى عقيل ، أم هانئ قالت : أتاني يوم الفتح حموان لي فأجرتهما ، فجاء علي يريد قتلهما ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في قبته بالأبطح بأعلى مكة ، فوجدت فاطمة فأخبرتها ، فكانت أشد علي من علي ، فقالت : تؤمنين المشركين وتجيرينهم . فبينما أنا أكلمها إذ دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى وجهه وهج الغبار ، فقلت : يا رسول الله ، إني أمنت حموين لي وإن ابن أمي عليا يريد قتلهما ، فقال : ما كان ذلك له قد أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت ، ثم أمر فاطمة أن تسكب له غسلا ، فسكبت له في جفنة إني لأرى فيها أثر العجين ، ثم سترت عليه ، فاغتسل ، فقام فصلى الضحى ثماني ركعات في ثوب واحد قد خالف بين طرفيه ، لم أره صلاها قبل ولا بعد . عن
[ ص: 138 ] 8278 - وفيه أن مباح حسن . ستر ذوي المحارم عند الاغتسال
8279 - وفيه جواز ، وفي حكم ذلك السلام على من يغتسل ، السلام على من يتوضأ في ذلك كرده لو لم تكن ذلك حالته ، وقد قال الله - عز وجل - : " ورد المتوضئ والمغتسل السلام وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها " [ النساء : 86 ] ولم يخص حالا من حال . إلا حالا لا يجوز فيه الكلام .
8280 - وقد احتج بهذا الحديث من رد وقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يميز صوت شهادة الأعمى أم هانئ مع علمه بها حتى قال لها : من هذه ؟ فقالت : أنا أم هانئ ، فلم يعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوتها ; لأنه لم يرها وكل من لا يرى فذلك أحرى .
8281 - وفيه ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأخلاق الجميلة الحسنة ، وصلة الرحم ، وطيب الكلام . ألا ترى إلى قوله عليه السلام " مرحبا " ويروى : مرحبا يا بأم هانئ أم هانئ . والرحب والتسهيل ما يستدل به على فرح المزور بالزائر ، وفرح المقصود إليه بالقاصد .
8282 - وهذا معلوم عند العرب ، قال شاعرهم :
فقلت له أهلا وسهلا ومرحبا فهذا مبيت صالح وصديق
8283 - وهذا البيت من أبيات حسان لعمرو بن الأهتم ، وهو الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ سمعه مدح الزبرقان بن بدر ، ثم ذمه لم يتناقض في قوله : " . إن من [ ص: 139 ] البيان لسحرا
[ ص: 140 ] 8284 - وقد ذكرت الشعر في كتاب " بهجة المجالس " ومثل هذا كثير في أشعارهم وأخبارهم . وقد تقدم القول في صلاة الثماني ركعات .
8285 - وأما قولها : زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجل أجرته فلان بن هبيرة ، ففيه : ما كانوا عليه من . تسمية كل شقيق بابن أم ، دون ابن أب عند الدعاء لهم
8286 - والخبر عنهم بذلك يدلك على قرب المحل من القلب ، والمنزلة من النفس ; إذ جميعهم بطن واحد ، ونحو هذا .
8287 - وبهذا نطق القرآن على لغتهم ، قال الله - عز وجل - حاكيا عن هارون بن عمران أخي موسى بن عمران : " ياابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي " [ طه : 94 ] و " ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " [ الأعراف : 150 ] وهما لأب وأم .
8288 - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : أم هانئ ، ففيه دليل على جواز قد أجرنا من أجرت يا ، وأنها إذا أمنت من أمنت حرم قتله وحقن دمه ، وأنها لا فرق بينها في ذلك وبين الرجل ، وإن لم يكن تقاتل . أمان المرأة
8289 - وعلى هذا مذهب جمهور الفقهاء بالحجاز والعراق : مالك ، ، والشافعي وأبي حنيفة ، وأصحابهم ، ، والثوري ، والأوزاعي ، وأبي ثور ، وأحمد بن حنبل وإسحاق ، وداود ، وغيرهم .
8290 - وقال : أمان المرأة موقوف على جواز الإمام ، [ ص: 141 ] فإن أجازه جاز ، وإن رده رد ; لأنها ليست ممن يقاتل ولا ممن لها سهم في الغنيمة . عبد الملك بن الماجشون
8291 - واحتج من ذهب هذا المذهب ، بأن أمان أم هانئ لو كان جائزا على كل حال دون إذن الإمام ، ما كان علي ليريد قتل من لا يجوز قتله ; لأمان من يجوز أمانه . فلو كان أمانها جائزا لقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أمنته أنت أو غيرك ، فلا يحل قتله ، فلما قال لها : ، كان ذلك دليلا على أن أمان المرأة موقوف على إجازة الإمام أو رده . قد أمنا من أمنت وأجرنا من أجرت
8292 - واحتج الآخرون ، وهم الأكثرون من العلماء ، بأن عليا وغيره لم يكن يعلم إلا ما علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من علم دينه . ألا ترى إلى قول : ابن عمر . بعث إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن لا نعلم شيئا ، فإنما نفعل كما رأيناه يفعل
8293 - ويحتمل قوله عليه السلام : ، أي في حكمنا وسنتنا إجارة من أجرته أنت ومثلك ، ولم يحتج إلى قوله لها : أو مثلك من النساء ; لأنه كان على خلق عظيم ، وأراد تطييب نفسها بإسعافها في رغبتها ، وإن كانت قد صادفت حكم الله في ذلك . قد أجرنا من أجرت
8294 - والدليل على صحة هذا التأويل ، قوله - صلى الله عليه وسلم - ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، ويرد عليهم أقصاهم ، وهم يد على من سواهم . المسلمون تتكافأ دماؤهم "
8295 - ومعنى قوله : " " : يريد أن شريفهم يقتل بوضيعهم إذا شملهم الإسلام ، وجمعهم الإيمان والحرية . تتكافأ دماؤهم
[ ص: 142 ] 8296 - وفي ذلك دليل على أن ; لقوله : " الكفار لا تتكافأ دماؤهم " ، وهذا موضع اختلف فيه العلماء . ليس هذا موضع ذكره . المسلمون تتكافأ دماؤهم
8297 - ومعنى قوله : " " أن كل مسلم أمن من الحربيين أحدا جاز أمانه دنيئا كان أو شريفا ، رجلا كان أو امرأة ، عبدا كان أو حرا ، وفي هذا حجة على من لم يجز أمان المرأة يسعى بذمتهم أدناهم . وأمان العبد
8298 - ومعنى قوله : " " يريد ويرد عليهم أقصاهم ، أبعدت في خروجها في ذلك ، ولم تبعد ترد ما غنمت عليها وعلى العسكر الذي خرجت منه ; لأن به وصلت إلى ما وصلت إليه . 8299 - ومعنى قوله : " السرية إذا خرجت من العسكر فغنمت " أن وهم يد على من سواهم ، فواجب على جماعة المسلمين أن يكونوا يدا واحدة على الكفار ; حتى ينصرفوا عنهم ، إلا أن يعلموا أن بهم قوة على مدافعتهم ، فيكون حينئذ مدافعتهم ندبا وفضلا لا واجب فرض . أهل الحرب إذا نزلوا بمدينة أو قرية من قرى المسلمين
8300 - ومما يدل على صحة ما ذهب إليه جمهور العلماء في جواز أمان المرأة مع قوله عليه السلام : " " قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ويسعى بذمتهم أدناهم أم هانئ هذا من رواية الحميدي ، عن ، عن ابن عيينة ، عن ابن عجلان ، عن سعيد المقبري أبي مرة ، عن أم هانئ . . . . . وقد ذكرناه في هذا الباب . وفيه : عليا أراد قتلهما ، فقال رسول الله : ليس ذلك له ، قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت . وفي قوله في هذا الحديث : ليس ذلك له [ ص: 143 ] دليل على صحة ما قلنا . وبالله التوفيق . فقلت يا رسول الله : إني أجرت حموين لي ، وإن ابن أمي
8301 - ويدل على ذلك أيضا ما رواه ، عن إبراهيم النخعي الأسود ، عن عائشة قالت : إن كانت المرأة لتجير على المسلمين فيجوز .
8302 - وحديث ، عن عمرو بن مرة أبي البختري ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : . ذمة المسلمين واحدة وإن جارت عليهم جارية فلا تخفروها ، فإن لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة
8303 - وقد ذكرنا إسناد هذين الحديثين في التمهيد .
8304 - وروى الوليد بن رباح ، عن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أبي هريرة " . يجير على المسلمين أدناهم
8305 - وقد ذكرنا إسناده أيضا في التمهيد .
8306 - وروى مالك ، عن ، عن عبد الله بن دينار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " ابن عمر " الحديث . يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة
[ ص: 144 ] 8307 - وأما اختلاف العلماء في أمان العبد ، فقال مالك ، ، وأصحابهما ، والشافعي ، والثوري ، والأوزاعي ، والليث بن سعد وأحمد ، وإسحاق ، ، وأبو ثور وداود : أمانه جائز قاتل أو لم يقاتل .
8308 - وهو قول محمد بن الحسن .
8309 - وقال أبو حنيفة : أمانه غير جائز إلا أن يقاتل .
8310 - وهو قول أبي يوسف .
8311 - وروي عن عمر معناه .
8312 - والحجة فيما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما أوردنا في هذا الباب . والحمد لله .
8313 - وأما قول أم هانئ في الحديث : " وذلك ضحى " ففيه . وليس في قول أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الضحى عائشة في هذا الباب .