الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فالواجب اتباع المرسلين ، واتباع ما أنزله الله عليهم . وقد ختمهم الله بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فجعله آخر الأنبياء ، وجعل كتابه مهيمنا على ما بين يديه من كتب السماء ، وأنزل عليه الكتاب والحكمة ، وجعل دعوته عامة لجميع الثقلين ، الجن والإنس ، باقية إلى يوم القيامة ، وانقطعت به حجة العباد على الله . وقد بين الله به كل شيء ، وأكمل [ ص: 15 ] له ولأمته الدين خبرا وأمرا ، وجعل طاعته طاعة له ، ومعصيته معصية له ، وأقسم بنفسه أنهم لا يؤمنون حتى يحكموه فيما شجر بينهم ، وأخبر أن المنافقين يريدون أن يتحاكموا إلى غيره ، وأنهم إذا دعوا إلى الله والرسول - وهو الدعاء إلى كتاب الله وسنة رسوله - صدوا صدودا ، وأنهم يزعمون أنهم إنما أرادوا إحسانا وتوفيقا .

كما يقوله كثير من المتكلمة والمتفلسفة وغيرهم : إنما نريد أن نحس الأشياء بحقيقتها ، أي : ندركها ونعرفها ، ونريد التوفيق بين الدلائل التي يسمونها العقليات ، - وهي في الحقيقة : جهليات - وبين الدلائل النقلية المنقولة عن الرسول ، أو نريد التوفيق بين الشريعة والفلسفة . وكما يقوله كثير من المبتدعة ، من المتنسكة والمتصوفة : إنما نريد الأعمال بالعمل الحسن ، والتوفيق بين الشريعة وبين ما يدعونه من الباطل ، الذي يسمونه : حقائق وهي جهل وضلال .

وكما يقوله كثير من المتملكة والمتأمرة : إنما نريد الإحسان بالسياسة الحسنة ، والتوفيق بينها وبين الشريعة ، ونحو ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية