الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل

                                                                                                                                                                                                                                        قل هل أنبئكم بشر من ذلك أي من ذلك المنقوم. مثوبة عند الله جزاء ثابتا عند الله سبحانه وتعالى، والمثوبة مختصة بالخير كالعقوبة بالشر فوضعت هاهنا موضعها على طريقة قوله:

                                                                                                                                                                                                                                        تحية بينهم ضرب وجيع [ ص: 134 ] ونصبها على التمييز عن بشر. من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير بدل من بشر على حذف مضاف أي بشر من أهل ذلك من لعنه الله، أو بشر من ذلك دين من لعنه الله، أو خبر محذوف أي هو من لعنه الله وهم اليهود أبعدهم الله من رحمته وسخط عليهم بكفرهم وانهماكهم في المعاصي بعد وضوح الآيات، ومسخ بعضهم قردة وهم أصحاب السبت، وبعضهم خنازير وهم كفار أهل مائدة عيسى عليه الصلاة والسلام. وقيل كلا المسخين في أصحاب السبت مسخت شبانهم قردة ومشايخهم خنازير. وعبد الطاغوت عطف على صلة من وكذا عبد الطاغوت على البناء للمفعول، ورفع الطاغوت وعبد بمعنى صار معبودا، فيكون الراجع محذوفا أي فيهم أو بينهم، ومن قرأ «وعابد الطاغوت» أو عبد على أنه نعت كفطن ويقظ أو عبدة أو عبد الطاغوت على أنه جمع كخدم أو أن أصله عبدة فحذف التاء للإضافة عطفه على القردة، ومن قرأ وعبد الطاغوت بالجر عطفه على من، والمراد من الطاغوت العجل وقيل الكهنة وكل من أطاعوه في معصية الله تعالى. أولئك أي الملعونون. شر مكانا جعل مكانهم شرا ليكون أبلغ في الدلالة على شرارتهم، وقيل مكانا منصرفا. وأضل عن سواء السبيل قصد الطريق المتوسط بين غلو النصارى وقدح اليهود، والمراد من صيغتي التفضيل الزيادة مطلقا لا بالإضافة إلى المؤمنين في الشرارة والضلالة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية