الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله [2]

                                                                                                                                                                                                                                        وهي العلامات ، وقيل : هي البدن المشعرة ، أي : المعلمة ، أي : لا تستحلوها قبل محلها ، وقيل : هي العلامات التي بين الحل والحرم لا تتجاوزوها غير محرمين ( ولا الشهر الحرام ) عطف ، وكذا ( ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين ) قيل : هذا كله منسوخ وقيل : حرم عليهم أن يمسوا الهدي والقلائد قبل محل الهدي ، وروي عن الأعمش ( ولا أامي البيت الحرام ) بحذف النون والإضافة ( يبتغون فضلا من ربهم ) في موضع نصب أي مبتغين وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش ( ولا يجرمنكم ) بضم الياء . قال الكسائي هما لغتان ولا يعرف البصريون الضم في هذا المعنى وإنما يقال ذلك في الإحرام ( أن [ ص: 5 ] صدوكم ) في موضع نصب مفعول من أجله أي لأن صدوكم وقرأ أبو عمرو وابن كثير ( إن صدوكم ) بكسر إن وهو اختيار أبي عبيد ، وروي عن الأعمش ( إن يصدوكم ) وهذه القراءة لا تجوز بإجماع النحويين إلا في شعر على قول بعضهم لأن إن إذا عملت فلا بد في جوابها من الفاء والفعل وإن كان سيبويه قد أنشد .


                                                                                                                                                                                                                                        إنك إن يصرع أخوك تصرع



                                                                                                                                                                                                                                        فإنما أجازه في الشعر وقد رد عليه قوله فأما إن صدوكم بكسر إن فالعلماء الجلة بالنحو والحديث والنظر يمنعون القراءة بها لأشياء ، منها : أن هذه الآية نزلت عام الفتح سنة ثمان وكان المشركون صدوا المؤمنين عام الحديبية سنة ست فالصد كان قبل الآية وإذا قرئ بالكسر لم يجز أن يكون إلا بعده كما تقول لا تعط فلانا شيئا إن قاتلك ، فهذا لا يكون إلا للمستقبل وإن فتحت كان للماضي فوجب على هذا ألا يجوز إلا أن صدوكم وأيضا فلو لم يصح هذا الحديث لكان الفتح واجبا ؛ لأن قوله تعالى : ( لا تحلوا شعائر الله ) ... إلى آخر الآية يدل على أن مكة كانت في أيديهم وأنهم لا ينهون عن هذا إلا وهم قادرون على الصد عن البيت الحرام فوجب من هذا فتح ( أن ) ؛ لأنه لما مضى وأيضا فلو كان للمستقبل لكان بعيدا في اللغة لأنك لو قلت لرجل يخاف من آخر الشتم والضرب والقتل لا .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 6 ] تغضب إن ضربك فلان لكان بعيدا ؛ لأنك توهم أنه يغضب من الضرب فقط ( أن تعتدوا ) في موضع نصب لأنه مفعول به ، أي : لا يكسبنكم شنآن قوم الاعتداء وأنكر أبو حاتم وأبو عبيد شنآن بإسكان النون لأن المصادر إنما تأتي في مثل هذا متحركة وخالفهما غيرهما ، وقال : ليس هذا مصدرا ولكنه اسم فاعل على وزن كسلان وغضبان قال الأخفش : ثم قال : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) فقطعه من أول الكلام ( إن الله شديد العقاب ) اسم إن وخبرها .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية